الأحد، 7 فبراير 2016
قواعد التشريك في النيات
- وفي المعاملات: قد يتفرع فيه الخلاف السابق, على اعتبار أن الأجر منوط بالنية فيه فإذا كوفئ عليها لم يستحق الأجر. إلا على الوجوه السابقة.
فإذا أنزلنا السؤال على هذه القواعد:
مسألة التلازم بالعامية
[سؤال عبر الآسك]
ممكن يا شيخ توضح لنا مسألة اللازم والمآل -بكلام مبسط-
الجواب:
هناك قضيتان:
قضية المآل + قضية التلازم:
كلتا القضيتان متقاربتان جدا وأغلب التفريق إنما هو لغوي مهمل في الاستعمال.
يعني المآل والتلازم بنفس الاستعمال, يعني مفيش فرق تقريبا.
كل القصة إنهم بيعرفوا اللازم بالنتيجة الضرورية اللي مينفعش تتفك عن الملزوم .. يعني ايه؟
تعال نعرف يعني ايه تلازم أصلا:
التلازم يامولانا يعني نشوء شيء عن شيء .. يعني ايه برضه؟
يعني حاجة بتحصل بسبب حاجة بس لازم تحصل .. ضروري تحصل ولو محصلتش يبقى ده مسموش لازم.
ده طبعا في اللغة ! [هنتكلم في الشرع وكان لازم أقولك قصة اللغة عشان فيه ناس بتدلس وتستخدم المعنى اللغوي بس ]
المآل بقى بيقولوا ينفع ينفك .. رغم أن تعريفه هو ما يصير إليه الشيء يعني الآثار المترتبة على الشيء.
حسيت بفرق ؟ !
سيبك من اللي فات ..
يعني ايه تلازم ؟
يعني عندنا ثلاث حاجات:
1- ملزوم ... 2- علاقة ... 3- لازم.
الملزوم: هو الشيء الأصلي اللي لما بسببه بيحصل اللازم.
يعني ايه؟
يعني السبب في وجود النتيجة أو المحصلة هو الملزوم ده ..
يعني لو أشعلت شمعة سيضيء ما حولها ..
عندنا ثلاث أكران.
الإشعال: هو السبب أو العلة .. اللي لو حصلت هيحصل حاجة .. وده اسمه الملزوم.
الإضاءة: هو النتيجة اللي حصلت أو متوقع إنها تحصل لما نشعل الشمعة وده اسمه اللازم.
فيه حاجة بقى اللي هي العلاقة بين الإشعال والإضاءة اللي ترتب شيء على شيء .. دي بقى اسمها عملية التلازم, وتقدر تقول هي هي عملية المآل.
الكلام ده كله مفهوم .. ايه المشكلة عند الفقهاء؟
مفيش مشكلة كل القصة انهم بيقولوا: [طبعا الفقهاء دلوقتي هيتكلموا على اساس اني اللي سامعهم فاهم الكلمتنين اللي فوق دول]
بيقولوا: انتو عارفين إن هناك فرق بين اللازم والملزوم وان اللازم لا يمكن يكون هو الملزوم ..
يعني الاشتعال مش هو الضوء, يعني لو الاشتعال هو الضوء هنشعل ليه ؟
يعني النار مش هي الحرارة .. الحرارة بتحصل بعد النار.
يعني المطر مش هو بلل التربة.
ايوه عايزين يقولوا ايه يعني؟
هما بيقولوا : انت من حقك تعمل حساب وتاخد بالك من اللازم وتخاف جدا وتحترس والجماعة الأصوليون عاملين مبحث شديد في أبواب [مقاصد الشريعة] وبيتكلموا في مسائل [شوف أي بحث بيتكلم عن مآلات الأفعال وهتلاقي كتير عالشبكة أو ذاكره في الموافقات باب الاجتهاد لو ليك طاقة وفيه أخ اختصر القصة دي في كتاب اسمه نظرية المقاصد عند الشاطبي الاتنين في الشاملة مش هتتعب, ولو عايز توفر المسائل دي هتلاقيها في اعتبارات كتير سد الذريعة والاستحسان واعتبار الضرورة والخلاف ] .. المهم من حقك تخاف من المآل وتعمله اعتبار وتحذر وتحترس بس .......
بس مينفعش ابدا تقول إن الملزوم هو اللازم, إلا في حالة وحدة متفق عليها ؟ ايه هي؟
إن اللازم ده يقع .. [طبعا في الحالة دي مش هيبقى حكم باللازم, فيه خلاف في الباقي] يعني ايه .. يعني لما الأشاعرة يقولوا : الرحمن على العرش استوى, أي استولى.
مش المفروض ده كفر؟
قالك: لا .. هو مآله للكفر .. لأنهم أولوا وحرفوا اللفظ وقالوا استولى وبعضهم قال: لا نعرف المعنى.
لكن الحقيقة مآل الكلام ده .. تكذيب كلام الله لأن مفيش حاجة اسمها استوى بمعنى استولى والأخطل النصراني مش حجة, ومفيش حاجة اسمها منعرفش المعنى,, وربنا قال: {بلسان عربي مبين}, بس برضه محدش كفرهم لأن مآلهم للتكذيب لا أن قولهم كفر بذاته.
طيب ايه المشكلة لما نقول مآله إلى الكفر ونحذر تحذيرا شديدا ؟ مفيش اشكال خالص.
بس منقولش ده كفر.
طيب لو قلنا على اللازم كفر ايه المشكلة؟
المشكلة: إننا كده هنتشبه بالخوارج ليه؟
لأن الملزوم [اللي هو السبب] مش كفر .. فلو حكمنا عليه وهو مش كفر بأنه كفر من غير ما يقع اللازم [اللي هو النتيجة وهي كفر] .. يبقى كده بنقول على المفسق كفر يعني الكبيرة مثلا كفر .. لأن الكفر موقعش !
هل التلازم ده ليه علاقة بالعوارض الأهلية يعني زي الجهل والتأويل وكده ؟
طبعا ليه زي أي مسألة بس المشكلة دلوقت ملهاش علاقة بالإعذار في الكفر .. لأن الملزوم لسه موصلش للكفر فمش مشكلتنا دلوقت الإعذار.
طبعا فيه مسائل تانية متعلقة بالتلازم زي علاقة اللازم بالملزوم هل هي علاقة واضحة فعلا ولا مش واضحة هل عليها دليل ولا لا ؟
لأن أحيانا بيكون التلازم ده مش حقيقي وانه مجرد وهم ومفيش دليل عليه غير الاحتمال والاحتمال لا يستدل به إلا أن يترجح.
كتبت بالعامية للتسهيل رغم أن هذا مصاب في جناب هذا الباب, وأرجو أن يكون السائل بعد هذه المشقة مصريا !
ــــ
والله أعلم
مقال لأخي أبي مارية التميمي استفد خصوصا من التعليقات ولو المصطلحات فقط حتى وإن خالفته:https://www.facebook.com/abumariaatmimi9/posts/1433892286935346?pnref=story
مقال أرسله أحد الإخوة, طويل نوعا ما لكن ضرب أمثلة للتقريب جولة في مشاهد التلازم بين العقل والنقل :http://justpaste.it/m2am
أبو صهيب الحنبلي
حكم النمص ومناقشة أقوال العلماء
سؤال عبر الآسك
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=175407
هل هذا الكلام صحيح؟
المسألة على أقوال كما سيقت وليس غريبا:
قول: منعها لغير الزوجة.
قول: منعها إذا كانت عادة للفاجرات.
قول: منعها للزوجة إذا لم يأذن لها.
قول: بمنعها مطلقا إلا لاستثناء معتبر كدفع ضرر وتصلح لحاجة كأن ترجعه لأصل الخلقة وذلك إذا غلظ وخرج عن الطبيعي.
والقول الأخير هو الصحيح وهو الذي فهمه ابن مسعود رضي الله عنه وهو بعينه الذي فهمته أم يعقوب, وسأدعك والنص بحادثته ثم نستخرج الشواهد وليكن رواية البخاري:
فقد روى بسنده عن علقمة، عن عبد الله، قال: «لعن الله الواشمات والموتشمات، والمتنمصات والمتفلجات، للحسن المغيرات خلق الله» فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7]؟ قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئا، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها ] صحيح البخاري (6/ 147)
ــــــ
## تعريف المتنمصة: قال البيهقي في الآداب (ص: 227) [والمتنمصة: التي تنتف الشعر من الوجه أو تنقش الحواجب حتى ترقه] بعض العلماء يرى أن النمص يدخل فيه نتف الشعر من الوجه [رغم أن من الوجه ما يشرع نتفه وبعضهم أوجبه كالذي ينبت في الذقن ..] ولعله لأن الحاجب من الوجه, وفي السنن الكبرى للبيهقي (7/ 510) قال الفراء: " النامصة التي تنتف الشعر من الوجه ومنه قيل للمنقاش المنماص لأنه ينتف به " وقول أبي داود أولى: قال في تحفة الأحوذي (8/ 55) [ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترقيقهما أو تسويتهما, قال أبو داود في السنن النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه]
الشواهد:
1- عبد الله = عبد الله بن مسعود هو راوي الحديث, وقول الراوي ليس حجة على الصحيح لكنها قرينة قوية معتبرة عند عرض الخلاف.
2- سياق النص: [الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن ] ما هو القيد ؟ كلهن للحسن أي طلبا للحسن, فما وجه تقييده بإذن الزوج أو التدليس أو تشبها بالفاسقات أو غيره؟
3- جاءته أم يعقوب منكرة عليه فلما حجها قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه ! إذن هي فهمت منه أنها تحرم مطلقا سواء بإذن الزوج أو دونه. لأنها امرأة وزوجة. وفي رواية أنه قال لها [بل قد نهى عنه رسول الله ] في مشيخة البخاري.
4- رد عليها ابن مسعود قائلا: فاذهبي فانظري. فدخلت فلم تر شيئا, فقال لو كانت كذلك: ما جامعتها.!
5- بعيدا عن الشاهد: لاحظوا أن المرأة جاءت مجادلة منكرة قول ابن مسعود وانتقلت من دليل لدليل, حتى قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه, فلما أذن لها بالدخول دخلت عليها فلم تر شيئا, وهذا يدل على إصرارها, لكنها رجعت من غير دليل وفي رواية عند الطبراني: [ما رأيت شيئا ما رأيت شيئا] ورأيت في رواية في فوائد أبي الحسين الدقاق برقم (66) [قالت: فأستغفر الله عز وجل] , والمراد بيان أنه يمكن التفريق بين المتنمصة وغيرها خصوصا إن كانت امرأة مثلها.
شواهد وإلزامات:
1- بعض العلماء المعاصرين يدفعون قول القائلين بالمنع للتدليس أو التشبه بالفاسقات أو جوازها للزوج أن كل هذا ممنوع من جهات أخرى ولم يكن له حاجة, والحقيقة أن هذا ليس بالقوي إذ يجوز التخصيص بالنهي كما يحدث في بعض أنواع البيوع لاشتهارها مع توافر النهي عن الغش والتدليس والغبن, لكن الأوجه أن يقال: إن هذا فيه لعن مخصوص, كما أن النص أطلق الحكم على الفعل من غير قيد, أما الاستثناءات من ضرر فهي تجري على سائر المأمورات والمنهيات.
2- جماهير القائلين بحرمته للتدليس أو من أباحه إذا أذن الزوج يرون أن النمص من جنس الزينة وإذا فعلته لزوجها كان حقا له للاستمتاع, وعلى ذلك فيلزمهم أن يقولوا بحرمة أن تكشف وجهها وهؤلاء لا يرون وجوب ستر الوجه, فإن قيل إن هذا من الزينة الظاهرة المباحة قلنا إذا كانت هذه الزينة تمنع لأنها مدعاة للتدليس [فإن المرأة ترى صغيرة في أعين الرائي] فلاشك أنها مؤثرة نافذة في القلوب.
3- التعليل بالتدليس يقتضي إباحة التفليج والتوشم والوشر وسائر عمليات التجميل إذا أذن لها الزوج.
4- التعليل بالتشبه بالتدليس يلغي أثر قوله تعالى: {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وقوله في الحديث [المغيرات خلق الله]. قال الحافظ: [ قوله المغيرات خلق الله هي صفة لازمة لمن يصنع الوشم والنمص والفلج وكذا الوصل على إحدى الروايات] فتح الباري (10/ 373), وهي أولى من حصرها على التفليج, ذكره هذا التوجيه السيوطي عن النووي في شرحه على ابن ماجة وقول الحافظ أقوى وهو اختيار الملا علي القاري في المرقاة والمناوي في التيسير, وذكرهما السندي في حاشيته على ابن ماجة وجهين دون تعقيب, وهو ظاهر قول الطبري وابن حزم من قبل ثم هو قول ابن هبيرة في الإفصاح قال: ويجمع ذلك كله قوله (المغيرات خلق الله).] الإفصاح (2/ 17)
5- ما جاء عن عائشة رضي الله عنها وقولها [أميطي عنك الأذى ما استطعت] دليل خارجي عن النزاع فالشعر الطبيعي [الذي هو محل النزاع] لا يقال فيه [أذى] وإنما أولى بهذا الوصف [الشعر الزائد]
أقوال بعض العلماء القائلين بالمنع:
* قال الطبري: [ فى هذا الحديث البيان عن رسول الله أنه لا يجوز لامرأة تغيير شىء من خلقها الذى خلقها الله عليه بزيادة فيه أو نقص منه التماس التحسن به لزوج أو غيره] شرح البخارى لابن بطال (9/ 167)
* وذهب ابن حزم إلى مثل ما قال الطبري وشدد حتى قال: [ لَا يجوز حلق لحيتها وَلَا عنفقتها وَلَا شاربها وَلَا تَغْيِير شَيْء من خلقهَا بِزِيَادَة وَلَا نقص] عمدة القاري (19/ 225)
* قال النووي: [وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا وقال بن جرير لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها ولا تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص ومذهبنا ما قدمناه من استحباب إزالة اللحية والشارب والعنفقة وأن النهي إنما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه] شرح مسلم (14/ 106)
* استظهره ابن الجوزي وأثبته مذهبا لابن مسعود إذ قال: [وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن الْكَلَام مُطلق فِي حق كل من فعل هَذَا. وَقَول ابْن مَسْعُود يدل على ذَلِك. وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ المتصنعات من النِّسَاء للفجور، لِأَن مثل هَذَا التحسن دأبهن. وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهن المموهات على الرِّجَال بِمثل هَذِه الْأَفْعَال لتغر المتزوج.] كشف المشكل (1/ 274) لا يعني هذا أن يكون مذهب ابن الجوزي بالضرورة وإنما المراد إثبات أن هذا مذهب ابن مسعود, وإلا فقد ذكر ابن مفلح عن ابن الجوزي أنه منعها للتدليس.
* هو قول جماهير الشراح للحديث, فهو قول الكرماني في شرحه على البخاري, وأما القسطلاني والملا علي القاري فكلاهما يذكران قول النووي دون تعقيب, وكذلك فعل الشوكاني في نيل الأوطار, ومثلهم شرف الحق آبادي في عون المعبود.
ــــــــ
الخلاصة: العلة في المنع هو تغيير خلق الله تعالى, وهي صفة لازمة لسائر المنهيات المذكورة في الحديث, أما الاستثناءات فهي تجري على سائر الأمور والمنهيات فأيما امرأة زاد الشعر عن حده الطبيعي في أي موضع كان أبيح لها إزالته وكذا دفعا للضرر.
والحمد لله وحده.
أبو صهيب الحنبلي
الهجرة من ديار الكفر
في الهجرة إلى ديار الكفر وهل توافرت ديار الإسلام التي يحرم الهجرة إليها ؟
جواب لسؤال بالآسك
1- استدلال يصلح للباب حال تماثل الديار في الكفر وخلوها من ديار الإسلام.
2- الهجرة إلى ديار الكفر مختلف فيها [المنع - الجواز بشرط الأمان والقدرة على إظهار الشعائر أو لصالح الدعوة - الجواز ما لم يخش الفتنة وهناك فرق بين القول الأول والثالث] والأخير هو قول الشافعي في الأم.
3- الذي يظهر لنا أن البلاء في الدول الغربية أقل من العربية وبعضهم يرى أن العرب فيه ظلم الحكام وفي الغرب ظلم المحكومين وبعضهم يرجح العرب لكونه أكثر عرضة للفتن هناك.
4- الأمر نسبي فقد يكون الفرار إلى الغرب يشرع في حقه وبعضهم لا يشرع.
5- جمهور العلماء على وجوب الهجرة من دار الكفر أو دار البدعة إلى دار الإسلام, والسؤال هل ثمة دار إسلام ؟
6- قبيل قيام الدولة الإسلامية وإعلانها بقيام الخلافة كان الأمر سيان عند كل من يرى تكفير الأنظمة الوضعية خصوصا في حق المطاردين بل ربما يجب الفرار وهو قول قريب وجيه.
7- القائلون بصحة إعلان الخلافة وأنها ممكنة لا دار حرب, يرون وجوب الهجرة إليها رجالا ونساء, والذي يتضح لي أن الأمر فيه فارق في القياس إذ الهجرة هنا إنما من دار مركبة [كماردين] فهل يجري عليها الحكم أيضا بالهجرة منها؟
بالنظر المجرد على افتراض تمكين الدولة وآنها آمنة ممكنة فإن ماردين وغيرها من البلدان التي أخذتها التتار لم يوجب العلماء فيما وصل إلينا الهجرة منها, إلا أنه ينبغي التنبيه أنه قد هاجر كثير من العلماء حينما احتلت البلدان, فمثلا هاجر القرطبي [صاحب التفسير] من الأندلس بعد هزيمة المسلمين فيها, وفي نفس العام هاجر القرطبي [أبو العباس صاحب المفهم شرح مسلم] وهاجر آل تيمية وغيرهم كثير ومع ذلك لا يستفاد من هذا الوجوب, وقد قال النووي في شرحه على مسلم أن على المسلم الهجرة إذا تولى الحكم كافر وكذا حال البدعة, ومع ذلك فإمامه يرى الجواز إلا حال غلبة الفتنة على المسلم, وربما رأى أن علو البدع مظنة الفتنة, فإذا علمنا هذا وجب البحث هنا في عدة أمور:
تمكين الدولة وآمنها على الأقل هل هي أحسن حالا من ديار الكفر ؟
ولاشك أن الحرص في هذا واجب خصوصا بحق الأخوات على أي حال حتى لو قلنا إن الدولة أكثر آمانا فإن محارمها المسلمين في دارها المركبة والطريق مظنة الأسر والقتل والأذى والتصور المقيس عليه إنما حال أسر مسلمة أو كونها في دار حرب تعود إلى دار الإسلام فهذه في دار أذى ترجع من غير محرم ولا يمنعها عدم وجود محرم لأنها في دار حرب لن تجد أسوأ مما هي فيه غالبا.
ولاشك أننا عند الفتوى سننظر إلى أن الرجل وجب عليه النفير متى استطاع وإذا كانت امرأة فسنقصر تحركاتها على الأسلم لدينها وعرضها.
وأنبه على شيء: أن هناك خلطا يقع بسبب الحماسة والغيرة والحرص على شيء ما, فإذا قيل الدين مقدم على المال والعرض وكل ما دونه.
فالحق أن هذا كله له تفصيل, فمثلا:
إذا قيل له نفسك أو تكفر ؟ رخص فيها العلماء جميعا حال قول الكفر ومنه رخصة عمار وما نزل فيه, واختلفوا هل يرخص له في فعل الكفر أم لا ؟ خلاف سلفي عال.
لو أن امرأة قيل لها عرضك أو أو الكفر أيهما تقدم ؟
يشرع لها أن تعرض بقولها اتفاقا ..
ما علاقة هذا بالهجرة ؟
المراد التنبيه على حفظ النفس والأعراض, وأنها قد تحي بتقية لبعض دينها خير لها من أسر أو قتل, زد على هذا أن القتال هناك سجال.
ولاشك أننا نضع القواعد التي هي أليق بالغالب وهذه الموانع قد تزال في وقت ما أو حال ما كما يمكن أن تدفعها الضرورة لذلك,فيحل لها الهجرة بحق حتى وإن اعتقدت أن دار الدولة الإسلامية [دار بدعة] فربما يكون أصلح لها مع ذلك كله من بقائها في دارها الأصلية.
أما بالنسبة لمن لا يرى أن الدولة ممكنة وأن الدار دار حرب فالأمر سيكون أكثر وضوحا لاشك, وهو الذي أميل إليه مما وصلنا من أخبار وبالنظر للمتاخمة الحاصلة وهو مذهب من عرفت من أهل العلم والجهاد .
وهذه رؤيتي وهي جهدي في الفهم والنظر.
والله تعالى أعلم.
أبو صهيب الحنبلي
السلف والحاكمية
مفاهيم عامة لفهم آثار السلف في الحاكمية [جواب لسؤال عبر الآسك]
1- وفقك الله, لا أرى بل هو قول أهل السنة بلا نكير وإنما لم يفهم المعاصرون عن السلف فلم يفرقوا بين الجور والتشريع والترك.
2- الآسك ليس محل مباحثة فإن لدينا ما يشغلنا عن هذه المرتبة الدنيا التي يخشى على صاحبها, ثم إن هذه المسألة خصوصا لا يمكن تباحثها إلا مع تصور المتناقشين لحقيقة الألوهية والربوبية وعلاقتهما بالحاكمية, بل نقاش المخالفين فيها ضرب من الخبل والجهل بحقيقة المجيزين, وإنما أفسح لي مجالا في قلبك كي أعينك على تصورها.
3- تصور المخالف لقضية الحاكمية أنها ثبتت بإجماع ابن كثير هذا خطأ آخر في التصور ناتج عن التصور القاصر الأول في معنى الحاكمية.
4- الحاكم الجائر ليس كافرا بإجماع قبل أن يولد مولانا ابن عبد البر وغاية ما فعل إنما حكايته, ومحل الإجماع الذي لدى أهل السنة إنما إجماع الأمة على ما يلي:
1- أن طاعة غير الله فيما يختص الله به شرك أكبر [والحكم منهم وقوله تعالى: {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} ] وإنما الحاكم منفذ مجتهد, وفهم الخوارج أن الحاكم متى ظلم أو جار كفر ظنا منهم أن كل مخالفة للحكم تخرجه وهذا مبعثه التكفير بالكبيرة.
2- أن من صفات الله الحكم {إن الحكم إلا لله} فمن حكَّم غير الله [أي شريعته] فقد عبد غيره لأن التحاكم عبودية والحكم بغيره مشابهة الله في صفة من صفاته.
* فإن قيل: المراد بالحكم أي الأمر الشرعي, قلنا إن كان الحكم صفة لله فمن تشبه بها فقد اتخذ نفسه إلها, وإن قيل المراد التشريع قلنا الأمر والنهي على سبيل الجزم وعقوبة تاركه هو التشريع بعينه.
* ما الفرق بين الحكم [تولي الحكم] والحكم الذي هو صفة الله؟
الجواب: تولي الحكم أي أن أمره نافذ [بمقتضى طاعة الله] فإن شرع [ما لم يأذن به الله] من قوانين ملزمة لم يأذن الله بها فقد اتخذ من نفسه إلها يعبد.
* إنما وقع الخلل في معنى التشريع فإن الناس يظنونه هو أن تقول إن الله قال كذا ولم يفعل أو أن يقول هذا حلال عند الله وليس كذلك, والحق أن هذا جزء من معنى التشريع فكل حاكم ألزم محكومه على شيء يناهض فيه حكم الله فقد شرع, وكذلك التحليل والتحريم فالناس يظنون أن الحلال أن تقول هذا أحله الله وهذا حرام أي حرمه الله والحق أن هذا نقوله على سبيل الطاعة لله وإلا فمن أحل الخمر ولم يقل إن الله أحلها فهو كافر لأنه نقض بهذا أصل الإسلام وهو الاستسلام لله تعالى, وسواء كان ينقاد بهذا لله تعالى أو لإلهين أو لأكثر كحال المشركين.
* اختل فهم كثير من الناظرين في مظان المسألة فظنوا أن المسألة خلافية والحق خلاف ذلك إذ محل الخلاف كان بين السنة والخوارج وكان الأولون يقولون: إن الكبيرة لا تخرج من الإسلام ما لم يستحلها, فابتدع الخوارج شيئا ألا وهو أن الكبيرة تخرج من الإسلام ولا يجتمع معها إيمان وكفروا بذلك من حكم بغير ما أنزل الله ولو في أمر من الأمور المفسقة, وقد كفروا عليا وهنا وقع فيهم الخلل من جهتين:
الأولى: تصوروا أن الذي فعله علي رضي الله عنه مخالفة للقرآن.
الثانية: أن كل مخالفة للقرآن كفر لا تجتمع والإيمان البتة.
فذهب كثير من السلف إلى تبيان أن ترك الحكم بغير ما أنزل الله [أي في مسالة من المسائل غير المكفرة بذاتها] كفر دون كفر ردا على قول الخوارج.
ومن هنا جرت التفاسير على الحط على من قال إنه إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله كفر بالله كفرا أكبر.
الحق أنا ما من خلاف البتة في هذا, بين من تنبه لهذا عند الخوارج فتكلم على إثره ومن تكلم على مطلق الحكم فترى حذيفة – رضي الله عنه – ينكر على من عنده حينما قال عند قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال هي في بني إسرائيل, قائلا: نعم بنو إسرائيل إخوة لكم لهم المر ولكم الحلو تتبعونهم حذو القذة بالقذة.
وقول ابن عباس [إن ثبت] كفر دون كفر لتصوره أن المسلم يعصي وهو الذي ناظر الخوارج كما اشتهر عنه.
قول غيرهما: الكفر في بني إسرائيل وفسق في المسلمين.
فهذا كله في مطلق الحكم, إذ كيف يطلق الرجل إن الحكم بغير ما أنزل الله كله كفر؟ أليس الحكم منه ما هو كفر ومنه ما هو غير ذلك ؟ فأراد السلف أن يبينوا هذا كيلا يختلط على الناس كما اختلط على الخوارج.
ولما سئل ابن عباس في رواية عن الآية قال [من جحد حدا من حدود الله كفر] وهو دليل على أن مراده الحد والحدين لا الحكم المطلق تركا أو تشريعا.
لم يفهم أحد من السلف أنه يصلح حاكما على النص أو أن قوله يقيد أو يخصص النص فالآية عامة [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون]
لم يأت حاكم مسلم في خلافة أو إمارة ثم ألزم الناس بأحكام غير حكم الله ولا عقد له بيعة على غير كتاب الله وسنته.
غاية ما يحدث إنما أمور تجري مجرى المصلحة وللعلماء فيها نظر كما فعل بعض الأمراء في أخذ الضرائب [المكوث] وقد رخص بعض الفقهاء فيها من باب الضرورة [والضرورة من دروب المصلحة الرخص الشرعية وإنما الغلط في تفاصيلها ].
3- يعرف الحكم من إجماع السلف على قتال الطائفة الممتنعة عن ظاهرة من شعائر الإسلام وقد قاتلهم أبو بكر قتال ردة.
4- يعرف من قوله تعالى: {الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} لماذا طاغوت؟ لأن الناس يتحاكمون إليه من دون اعتماد حكم الله فيهم.
5- يعرف من قوله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم .... } ونفي الإيمان هنا نفي للتصديق الجازم المجزي كما قال الطبري بما حاصله, وهذا يجري على المحكوم ابتداء أما الحاكم فقد وقع في ترك الحكم والتشريع.
6- إتفاق العلماء على أن كل دار يغلبها حكم الكفار فهي دار كفر فجعلوا العلة حكم الكفار [أي الوضعي] وإن اختلفوا هل تنقل من دار الإسلام إلى دار كفر فالجمهور على ذلك إلا أن الشافعي رأى أنها لا تنتقل وقصد بذلك دار الحرب لوجود المسلمين بها وإلا فهو موافق لهم في هذا وإنما اعتبر الدار المركبة وأنها لا تجري عليها أحكام دار الحرب لوجود المسلمين, والشاهد أن غلبة الحكم سبب في تسمية الدار دار كفر!
7- إجماع ابن كثير إنما كان حكاية لتعامل الأمة في مسألة ما وهي حال الترك المطلق أو اتخاذ قوانين كحال التتار وينظر قول شيخ الإسلام في فتواه الخاصة بالتتار في الفتاوى الكبرى.
8- نقل ابن حزم للإجماع بكفر من عمل بشريعة منسوخة وأظن نقله ابن تيمية في الفتوى المذكورة أيضا.
ــــــــــ
لا أظن أن الخلاف [وهو مذموم] يجري على حكام اليوم فهم مرتدون من غير وجه وسبق الجواب.
يمكنك مراجعة الروابط الآتية:
فتح الخبير في مختصر قواعد التكفير.
https://justpaste.it/keqk
الحاكمية ومناقشة أثر ابن عباس متنا وسندا.
https://justpaste.it/keq6
معنى الطاغوت في القرآن: كمثال توضيحي لتفسير القرآن بالقرآن.
https://justpaste.it/keqb
ــــــ
أرجو ألا نكثر هذه الأسئلة فقد رددت غير مرة وهي مرهقة في تبيان تفاصيلها فيرجى مراجعة الأسئلة ولا مزيد لدي إلا من أراد كتبا يستزيد أرشدناه إليها.
أبو صهيب الحنبلي
نظرات سريعة في [علاقة العمل بالإيمان] ج2