تعديل

الأحد، 7 فبراير 2016

هل التعدد رخصة لطلب الطلاق

مسألة: هل التعدد رخصة للمرأة في طلب طلاقها؟

الجواب: 

الحمد لله وحده:

1- الأصل: أن الزواج بالثانية لا يضر ولو كان يضر لما أباحه الله تعالى وهو اللطيف الخبير بعباده {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}؟ فعلى ذلك ليس لها أن تطلب الطلاق لمثل هذا.

2- إن كان يضرها ذلك ضررا شديدا فيدخل في جنس [البأس] وفي الحديث [أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة] أحمد وأبو داود,  والبأس أي الشدة كما ذكره العلامة المنَّاوي في شرح الجامع, ويمكن تصور هذا بلحوق الظلم بها, وهذا هو الاستثناء الصالح لأن إباحة التعدد مشروطة بالعدل, كما أن الأحاديث الواردة محمولة على عدم السبب الذي يقتضى طلب الطلاق, أفاده الحافظ في الفتح, لكن هل يرخص لها طلب الطلاق أم الخلع؟

3- جماهير العلماء على أنه يجوز للمرأة أن تشترط على الخاطب ألا يتزوج عليها, ثم اختلفوا هل يمضي الشرط أم يجوز له أن يخلفه؟! ومذهب إمامنا أنه يجب عليه الالتزام به, وسبب الخلاف هو تصورهم لعلاقة الشرط الزائد عن شروط الشرع بالعقد. فعند إمامنا أنها مخيرة بين الطلاق والبقاء.

4- الحقيقة أكثر المفتين يذكرون أن التعدد بغير شرط ليس من جنس البأس المبيح لطلب الطلاق[منهم العلامة العثيمين], وفي نفسي شيء من هذا [مجرد تردد لا رد] لأن ثمة اعتبارات تجيز طلب الطلاق حتى من صاحب الدين, كما جاء عن المرأة التي طلبت طلاقها من ثابت بن قيس ولعله يقال إن ثمة فارق إذ المختلعة تتنازل عن حقوقها خلافا للمطلقة, وقد يرد عليه أن العبرة في اعتبار الأسباب والأخير ليس قويا, وكذلك في قوله [بأس] تفيد عموم الشدة والبأس وحديث [المختلعات هن المنافقات] حديث مختلف فيه لإرسال الحسن وعدم تصريحه مع كونه لم يسمع أبا هريرة, ومن جهة أخرى فليس كل ضيق معتبر والشرع أولى أن يحدد هذا الضرر.

5- لأجل ما سبق اختار لنفسي التفريق بين طلب الطلاق وطلب الخلع, فإن طلب الطلاق لا يسوغه سوى [سوء العشرة (ومنه سب أبيها أو أمها )  أو ترك الجماع (وإن كان عاجزا) أو عدم الإنفاق أو غياب الزوج سنة فأكثر- أو أسره أو حبسه, وكذلك فسقه ومنه المرض الشديد المعدي وهو داخل في الضرر.] أما الخلع فيحصل لمجرد كرهه وخشية معصيته, وإن كان دينا خلوقا, ومنه حادثة امرأة ثابت بن قيس [ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق] ومنه قوله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} وروى ابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 420)

عن طاوس أنه كان يقول: لا يحل الفداء إلا كما قال الله إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، ولم يكن يقول قول السفهاء. لا يحل حتى تقول: لا أغتسل لك من جنابة، ولكنه كان يقول: ألا يقيما حدود الله فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة.] مع العلم أنه لا يجوز أن يقبل [فديتها] إلا أن تكون سيئة الخلق والنشوز من قبلها فإن كان من قبله فليس له أخذها [ذكره الجصاص في أحكامه].

6- الخلاصة: لا تطلب طلاقها إلا لضرورة ملحة كوجود ظلم متحتم, وحد الظلم هو منعها حقها فيما اشترطه الله على الزوج أو منعت حقوقها بفقده أو عجزه كأسر كما تقدم, وإلا فلتختلع إن خشيت على نفسها الإثم فلا تطيعه إذ كرهته.
ـــــــ
أجابه:

أبو صهيب الحنبلي.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More