تعديل

الأحد، 5 أبريل 2015

أولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان: مشاهد وأنماط ج [10]



مشاهد وأنماط من أفهام مظلمة مشوهة ج [10]
أولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان: [1]


الحمد لله وحده:
كنا قد تحدثنا عن بعض المفاهيم الباطلة التي تحمل في طياتها مفاهيم أبطل منها وأخبث – بغض النظر عن عذر صاحبها سواء بتأويل أو بجهل أو كان معاندا أو كان من أئمة الكفر – وقد توقفنا عنها حينا خاصة مع تناغم كثير من الحركات النائمة – أي المسوغة لشرائع الطواغيت بحجة غياب الشريعة أو كون الديموقراطية وسيلة ليست غاية – مع الحركات الجهادية التي لا ترى العز إلا بتوحيد الله والقيام بأوامره وعلى رأسها الجهاد في سبيله تعالى, فرأيت أن تلك الثورات التي أظهرت عقيدة الطواغيت تغني بقوة عن مقالاتي الضعيفة المملة, إلا أنه قد فاجأني ظهور عقيدة [السلمية] التي غلبت الفطرة وأعطبت النخوة وعطلت الصحوة [الصحية] بل زاد الطين ألا يزال من يتبجح بالسؤال عن فوائد الجهاد والغزوات المباركة ضد رؤوس الكفر العالمي فساقني قلمي للشروع في استكمال سلسلة مشاهد وأنماط في صورة أجزاء وحلقات تحت عنوان [أولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان]. فنقول:
أولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان: [1]
1- إن الذين يحكمون على أوامر الله من خلال النظر إلى مكتسباتها العاجلة بالصحة أو الفساد فأولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان. انظروا إن شئتم قوله تعالى: [أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب]. قال الألوسي: [أي انتهى أمرهم من البلاء إلى حيث اضطروا إلى أن يَقُولَ الرَّسُولُ وهو أعلم الناس بما يليق به تعالى، وما تقتضيه حكمته، والمؤمنون المقتدون بآثاره، المهتدون بأنواره مَتى يأتي نَصْرُ اللَّهِ طلبا وتمنيا له، واستطالة لمدة الشدة - لا شكا وارتيابا-] روح المعاني (1/ 499)
2- إن الذين يظنون أن الجهاد يقتصر على زيادة عدد قتلى العدو الصائل فأولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان, وانظروا إن شئتم قوله تعالى: [ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من شاء], فإن لم يتحقق النصر بالعدد تحقق بالنكاية فيهم [ولو بالقليل] أو بشفاء الصدور أو بالتوبة. قال ابن عاشور: [وفي جعله جوابا وجزاء أن الله ضمن للمسلمين من تلك المقاتلة خمس فوائد تنحل إلى اثنتي عشرة إذ تشتمل كل فائدة منها على كرامة للمؤمنين وإهانة لهؤلاء المشركين وروعي في كل فائدة منها الغرض الأهم فصرح به وجعل ما عداه حاصلا بطريق الكناية.] التحرير والتنوير (10/ 135)
3- إن الذين لا يعرفون أن قتل كافر واحد يحدث نكاية عظيمة في أهل الكفر إذ لا يؤمنون بقدر ولا يرجون من الله أجرا فهم لا يصبرون ويجزعون فيتقهقرون. فأولئك لا يعرفون حقيقة الإيمان, انظروا إن شئتم قوله تعالى: [ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله علكما حكيما]. قال الشوكاني: [ أي: ليس ما تجدونه من ألم الجراح ومزاولة القتال مختصا بكم، بل هو أمر مشترك بينكم وبينهم، فليسوا بأولى منكم بالصبر على حر القتال ومرارة الحرب، ومع ذلك فلكم عليهم مزية لا توجد فيهم، وهي: أنكم ترجون من الله من الأجر وعظيم الجزاء ما لا يرجونه لكفرهم وجحودهم، فأنتم أحق بالصبر منهم، وأولى بعدم الضعف منهم، فإن أنفسكم قوية، لأنها ترى الموت مغنما، وهم يرونه مغرما.] فتح القدير للشوكاني (1/ 589)
4- إن الذين يقيسون برأيهم الفاسد مع النصوص الصريحة قائلين: أي مصلحة في قتل عشرات منهم ومئات منكم؟ فهؤلاء يجهلون: أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيح, فهؤلاء لا يعرفون حقيقة الإيمان, وقد سبق قوله تعالى: [قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ...] الآية يقول ابن عاشور التونسي: [ وفي جعله جوابا وجزاء أن الله ضمن للمسلمين من تلك المقاتلة خمس فوائد تنحل إلى اثنتي عشرة إذ تشتمل كل فائدة منها على كرامة للمؤمنين وإهانة لهؤلاء المشركين وروعي في كل فائدة منها الغرض الأهم فصرح به وجعل ما عداه حاصلا بطريق الكناية. الفائدة الأولى: تعذيب المشركين بأيدي المسلمين وهذه إهانة للمشركين وكرامة للمسلمين.
الثانية: خزي المشركين وهو يستلزم عزة المسلمين.
الثالثة: نصر المسلمين، وهذه كرامة صريحة لهم وتستلزم هزيمة المشركين وهي إهانة لهم.
الرابعة: شفاء صدور فريق من المؤمنين، وهذه صريحة في شفاء صدور طائفة من المؤمنين وهم خزاعة، وتستلزم شفاء صدور المؤمنين كلهم، وتستلزم حرج صدور أعدائهم. فهذه ثلاث فوائد في فائدة.
الخامسة: إذهاب غيظ قلوب فريق من المؤمنين أو المؤمنين كلهم، وهذه تستلزم ذهاب غيظ بقية المؤمنين الذي تحملوه من إغاظة أحلامهم وتستلزم غيظ قلوب أعدائهم، فهذه ثلاث فوائد في فائدة. والتعذيب تعذيب القتل والجراحة. وأسند التعذيب إلى الله وجعلت أيدي المسلمين آلة له تشريفا للمسلمين. والإخزاء: الإذلال، وتقدم في البقرة. وهو هنا الإذلال بالأسر.] التحرير والتنوير (10/ 135)
ونسأل الله أن يتوب علينا من القعود وأن يهيئ لنا أمر رشد.
ـــــــــــــــ
وللمقال بقية إن شاء الله.


والحمد لله في الأولى والآخرة.
كتبه أبو صهيب الحنبلي.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More