فتح الأعلى في قواعد الأسماء الحسنى.
الحمد لله وبعد: فتلكم قواعد مختصرة في أسماء الله الحسنى والتي تحكم المتشابه وتضبط الوارد في توحيد الأسماء والصفات, ومن فوائدها:
1- معرفة كيفية دعائه تعالى.
2- تجنب دعائه ومناداته بغير أسمائه.
3- تجنب التألي على الله والجناية في حقه.
4- معرفة ما يصح من الدعاء من غيره.
5- اجتناب موافقة أهل البدع – من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة والمتكلمة - في مقالاتهم.
وهاكم القواعد:
ü - ضابط معرفة أسماء الله تعالى كما قال شيخ الإسلام: [الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك وهي في نفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح] العقيدة الأصفهانية [ص: 19]
ü أن أسماء الله تعالى توقيفية: أي لا يجوز تسمية الله تعالى إلا بما سمى به نفسه وعلى هذا اتفق أهل السنة, لقوله تعالى: [ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون]. وقوله: [ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا], وقوله: [قل إنما حرم ربي] .... إلى قوله: [وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون],
· وعليه: فإن قاعدة الصفات أوسع من قاعدة الأسماء وقاعدة الإخبار أوسع من قاعدة الصفات: قال ابن القيم في بدائع الفوائد [1/ 170]: [أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه]اهـ وهذا لاشك أنه يشترط فيه أن يكون ذا معنى صحيح حسن ثبت من أدلة أخرى.
ü أن تعدد الأسماء والصفات لا يلزم منه تعدد الذوات وإن تعدد معناها خلافا للمعتزلة الذين أنكروا الصفات فقالوا نثبت له الأسماء دون الصفات, قال ابن القيم: [السادس أن أسماءه الحسنى لها اعتباران اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالاعتبار الأول مترادفة – أي لكونها صفات لذات واحدة وهي ذاته تعالى - وبالاعتبار الثاني متباينة – أي مختلفة المعاني لكون كل صفة تدل على معنى مستقل - ] بدائع الفوائد [1/ 170]
o لابد أن يكون صحيحا من كتاب أو سنة.
o أنه لا مجال للعقل فيها, إلا في الاجتهاد في استخراجها من النصوص.
o لا يصح اشتقاق اسم من أفعال الله كقوله تعالى : {تعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير} فيخطئ البعض فيشتق من هذا الفعل اسما., فيقال: [المعز المذل] وإن كانت تجوز على صفة الإخبار كأن يقال الله هو المعز المذل لكن لا يقال على سبيل الاسم.
ü أن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف, وذلك أن الاسم في اللغة هو لفظ دل على معنى, قال ابن القيم في بدائع الفوائد [1/ 170]: [أن أسماءه عز و جل الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى]اهـ, فإذا كان اسمه الغفور فهو يغفر وإذا كان كريما فهو يكرم, كما قال تعالى: [ وربك الغفور ذو الرحمة] وليس كما قالت المعتزلة: إنما هي أسماء جامدة بلا معنى فعطلوه عن صفاته تبارك وتعالى.
ü أن كل اسم من أسمائه الحسنى له دلالة بالتضمن والمطابقة والالتزام. ويقول ابن القيم في بدائع الفوائد [1/ 170]: [أن الإسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ودلالة على أحدهما بالتضمن ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم]اهـ, ونضرب مثالا على ذلك: باسم الله [الحي].
o فدلالة المطابقة: هي دلالة اللفظ على كامل معناه, فاسم الله الحي: لابد أن يكون حيا حياة كاملة تليق بذاته تعالى.
o ودلالة التضمن: وهو دلالة اللفظ على جزء معناه, فلابد من ثبوت صفة الحياة له.
o دلالة الالتزام: وهي دلالة اللفظ على خارج معناه: فإذا كان حيا فلابد أن يكون سميعا بصيرا عليما, وإلا لم يكن حيا, وكل اسم وصفة يليقان بالمسمى والموصوف بهما, فيليق للبشر ما لا يليق لله تعالى, وصفات الله تعالى لا تماثل صفات عباده وإن شابهته في أسمائها.
ü أن الحديث الطويل الذي فيه التصريح بأسماء الله تعالى ضعيف عند أكثر أهل الحديث يقول ابن كثير في تفسير ابن كثير (3/ 515): [والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد: أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي: أنهم جمعوها من القرآن كما ورد عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي، والله أعلم.]اهـــ
ü أن أسماء الله تعالى ليست محصورة في تسعة وتسعين اسما وفي الحديث[ اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك] وهو عند أحمد وغيره وصححه طائفة من أهل العلم, ووجهة الدلالة في قوله: [أو استأثرت به في علم الغيب عندك] دلالة على أن ثمة أسماء لا نعلمها اختص الله به نفسه]. قال الخطابي في شأن الدعاء (1/ 25): فهذا يدلك على أن لله أسماء لم ينزلها في كتابه، حجبها عن خلقه، ولم يظهرها لهم.وقال النووي: شرح النووي على مسلم (17/ 5): [واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء], قلت هو قول الجمهور: وقد خالف في ذلك ابن حزم. كما قال ابن القيم في شفاء العليل (ص: 277): [هذا قول الجمهور وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسمائه تنحصر في هذا العدد]اه
ü أن معنى الإحصاء: على معانٍ:
§ أحدها: الإحصاء الذي هو بمعنى العد، يريد: أنه يعدها ليستوفيها حفظا، فيدعو ربه بها. كقوله سبحانه: (وأحصى كل شيء عددا), وهو قول البخاري واستحسنه الخطابي واختاره النووي.
§ والوجه الثاني: أن يكون الإحصاء بمعنى الطاقة، كقوله -سبحانه-: (علم أن لن تحصوه)، أي: لن تطيقوه, وذلك مثل أن يقول: يا رحمن، يا رحيم، فيخطر بقلبه الرحمة، ويعتقدها صفة لله -جل وعز-، فيرجو رحمته، ولا ييأس من مغفرته.
§ والوجه الثالث : أن يكون الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة، فيكون معناه أن من عرفها وعقل معانيها، وآمن بها دخل الجنة، مأخوذ من الحصاة، وهي العقل.
§ والوجه الرابع: أن يكون معنى الحديث أن يقرأ القرآن حتى يختمه فيستوفي هذه الأسماء كلها في أضعاف التلاوة. فكأنه قال: من حفظ القرآن وقرأه فقد استحق دخول الجنة، وذهب إلى نحو من هذا أبو عبد الله الزبيري. وضعفه النووي. ينظر شأن الدعاء – باختصار - (1/ 26 وما بعدها) وانظر: شرح النووي على مسلم [18\5]
ü أن اسم الله علم على الذات المقدسة وإليه يضاف كل اسم كما قال القشيري ذكره النووي [17\5], وقال الخطابي في شأن الدعاء (1/ 25): وفي قوله [- صلى الله عليه وسلم -]: "إن لله تسعة وتسعين اسما"، دليل على أن أشهر الأسماء، وأعلاها في الذكر -الله- ولذلك أضيفت سائر الأسماء إليه. وقد جاء في بعض الروايات: "أن اسم الله الأعظم -الله- "]
ü أسماء الله تعالى لابد أن تكون حسنى أي أن يكون معناها على أحسن ما يكون من كل وجه لا يشترك في معناها وجه مذموم من الوجوه قط. وفي قوله تعالى: [ولله الأسماء الحسنى] قال ابن القيم في بدائع الفوائد (1/ 178): [ فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون], ويروى عن ابن عباس قوله: [وكل أسماء الله حسن] رواه الطبري عنه بسند ضعيف في تفسير الآية, وهو معنى متفق عليه.
ü أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها كما تقدم بيانه كاسمه العظيم والمجيد والصمد كما قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره الصمد : السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف : الذي قد كمل في شرفه والعظيم : الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه] بدائع الفوائد [1/ 178]
ü لابد من مراعاة الأسماء الثابتة المقترنة التي لا تطلق إحداها إلا بالأخرى كـــ القابض الباسط , المقدم المؤخر , فإطلاق إحداهما على الله دون الأخرى توحي بوجود نقص أو عدم كمال في الاسمية. والله تعالى قال : [ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ] .
ü الأسماء التي تشترك في معنى ما لا تعد صفة واحدة, بل هي متباينة وإن تقاربت في اللفظ كما في: العلي والأعلى, والكريم والغني, والحكيم والحكم. فالغني والكريم يتضمنان معنى مشترك وهو الملك فالكريم لا يقال كريما إلا إذا ملك ولو كان قليلا والغني عنده ما يستغني به عن غيره, ولكن لا يلزم من الغني أن يكون كريما ولا يلزم في الكريم أن يكون غنيا, ولذلك كانت الصفتان متغايرتين وإن اشتركتا في معنى, وكذلك الحكم والحكيم, وكذلك العلي والأعلى وما شابه من الأسماء. وقد سبق ذكر كلام القيم أعلاه.
ü اختلف أهل العلم : في الأسماء المضافة كــ ذي الجلال والإكرام , وأحسن الخالقين, وجامع الناس, وقال به جماعة منهم شيخ الإسلام , ذكره في فتاويه .قال: [وكذلك أسمائه المضافة مثل: أرحم الراحمين وخير الغافرين ورب العالمين ومالك يوم الدين وأحسن الخالقين وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ومقلب القلوب وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين وليست من هذه التسعة والتسعين] الفتاوى الكبرى [2/ 380]
o وعلى ذلك فالمعز والمذل والمحيي والمميت إنما هي من الصفات الفعلية وليس من أسمائه تعالى .
o وكذلك المقسط , والجامع - لكن أثبتها بعض أهل العلم اسما بالإضافة ( جامع الناس ) -. وكذلك الباعث هي صفة فعلية فالله يبعث أنبيائه ورسله .
o وكذلك الخافض والرافع كل هذا من صفاته الفعلية وكذلك ( العدل ) هذه تجوز على صفة الخبر وكذلك ( المغني ) لكن ثبت اسم ( الغني في الكتاب والسنة] وتلك الأسماء التي استدركناها رويت في أحاديث ضعيفة باتفاق.
o قِس على ما سبق : النافع المانع الضار الهادي الوارث .
- واسم ( النور اختلف أهل العلم على إثباته فمن أخذ به فلا بأس ) واستدلوا بقوله تعالى ( الله نور السموات والأرض ) , لكن المسألة واسعة عندي , وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية القول إن النور اسم لله تعالى. وهو الذي يترجح .
o اسم الصبور قال به بعض أهل العلم منهم: قوَّام السنة والذي يظهر أنه احتج بما روي من الأحاديث الضعيفة وعلى ذلك فلا يثبت اسما لله تعالى بل نثبت صفة الصبر وهي صفة فعلية ثابتة لله تعالى كما في الصحيحين ( ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله
o اسم المحسن ثمة خلاف في ثبوته مداره على صحة الأحاديث الثلاث الواردة فيه وضعفها, وفي الحديث: [إذا حكمتم فاعدلوا وإذا قتلتم فأحسنوا, فإن الله محسن يحب المحسنين] أخرجه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
والحمد لله في الأولى والآخرة.
جمعه: أبو صهيب الحنبلي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق