نظرة فاحصة لمعالم كلمات ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺠﻮﻻﻧﻲ
المسئول ﺍﻟﻌﺎﻡ لـــــــجبهة ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ.
الحمد لله وحده:
تطايرت أقلام الحريصين, كلٌ يبُتُّ برأيه في إعلان الدولة الإسلامية وما عقبها من إصدار صوتي للشيخ الجولاني يؤكد فيه بيعته للشيخ أيمن الظواهري فكان الناس فيه على ثلاثة أقوال:
1- قول: يجتهد في تبيان الخطأ الإعلامي الحادث من جهتي دولة العراق وجبهة النصرة.
2- قول: يجتهد في الرد والذب عن المجاهدين.
3- قول: يجتهد في تهدئة الإخوة بترك الفتنة وكنت أقول بقولهم حتى رأيت الشبه والصيحات تتعالى حتى والله شككت في بعضها إنها تريد بالمجاهدين سوءا, فعزمت على تبيان وجهة الإعلان من حيث النظر والاحتمال.
وسيكون الرد بوضع الجملة التامة المعنى والاستفادة مما يحويها ويتضمنها من ردود ومعان صالحة لرد الظنون والتخرصات المعادية. بإذن الله تعالى.
يقول الشيخ الجولاني في المادة الصوتية:
[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
أيها المسلمون في كل مكان ، قيادات الحركات الجهادية قيادات الفصائل المسلحة ، أهل الشام ، أبناء جبهة النصرة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في قوله بعد الثناء ما يلي:
1- ابتداؤه بالسلام, مع ترتيب المخاطبين, المسلمون جميعا ثم قيادات الجهاد ثم أهل الشام ثم أبناء الجبهة, وهذا له دلالة هامة في لغة الخطاب عامة وما يتضمنه وغايته ونتائجه.
2- دلالة توجيه الخطاب فيها مراعاة أن جبهة النصرة لا تقتصر بدعوتها القتالية على المؤيدين أو المناصرين من ذي قبل بل هي تدعو المسلمين عامة وأهل الشام خاصة وكذلك طمأنة كافة القيادات العسكرية والفصائل الأخرى.
3- على ما سبق لابد أن يكون الخطاب مستوعبا لكافة المخاطبين من حيث التخوفات المستقبلية من جهة والاتفاقات الضمنية العرفية الحالية من جهة أخرى. وهذا ضروري جدا في الخطاب وإلا صار خطابا قاصرا.
ـــــــــــــ
قال الجولاني:
[قال الحق جل في علاه { ألم ، أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولواآمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }
ـــــــــــ
التعقيب:
استفتاحه بتلكم الآية كأنه يشير إلى:
1- البلاء الذي حل بالديار عموما.
2- أننا في خضم فتنة يمتحن الله بها الناس خصوصا المناصرين ليعلم الله الصادق من الكاذب. وكأنه يحث على الثبات في الفتن والمحن.
3- وتفصيل ذلك: أنه قد يتعرض للخصومة من قبل بعض الفصائل وإساءات الظنون وما يجره من استغلال الخصوم لهذا الخبر وأنه يجب عليه وسائر قادة الجبهة ومن ينصرونهم بغية مرضاة الله أن يصبروا حتى ينجوا من تلكم الفتنة.
ـــــــ
يقول الجولاني:
[لقد دار حديث حول خطاب منسوب للشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله وذُكر في الخطاب المنسوب للشيخ تبعية الجبهة لدولة العراق الاسلامية ثم أعلن فيه الغاء اسم دولة العراق وجبهة النصرةواستبدالهما باسم واحد الدولة الاسلامية في العراق والشام]
ـــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في تلكم الجملة ما يلي:
1- بيان متابعته لردود أفعال الناس عموما – وهذا ضروري لاشك - وقد خرج الإصدار سريعا رغم أن مثل هكذا أمور من حيث الصياغة والاتفاق على المضمون بين شورى الجبهة قد يأخذ وقتا, خاصة مع الاعتبارات التي سبق الإشارة إليها وسيأتي تفصيل ذلك.
2- وصف الإصدار المنتشر على لسان الشيخ أبي بكر البغدادي [بالمنسوب] لوضع احتمالية – حتى إن كانت مرجوحة – أن يكون الإصدار مكذوبا, من حيث تقليد الصوت أو نشره من قبل مدسوسين بين أبناء التيار.
3- اقتصاره على أهم نقطة وركيزة في الخطاب المنسوب للشيخ البغدادي [إلغاء اسم جبهة النصرة ودولة العراق واستبدالهما باسم الدولة الإسلامية] فهو يعلم أن السامع لم يشغل باله سوى تلك المسألة الركيزة.
4- توضيح سبب رده وإصداره لمن لم يكن قد سمع الخبر سواء بتغافل أو بانشغال.
ـــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[لذا نحيط الناس علما أن قيادات الجبهة ومجلس شورتها والعبد الفقير المسئول العام لجبهة النصرة لم يكونوا على علم بهذا الإعلان سوى ما سمعوه من وسائل الإعلام فإن كان الخطاب المنسوب حقيقة فإننا لم نُستشر ولم نُستأمر ، وأقول بالله مستعينا]
ــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في ذلك ما يلي:
1- ابتدأ – بعد المقدمة الضرورية – بتوضيح موقف الجبهة من قيادات ومجلس شورى والمسئول العام.
2- وما سبق إنما من جنس التبرئة لما قد ينسب إلى الجبهة من تواطؤ على ذلك من غير إعلان وإخبار لبقية الفصائل المتعاونين معها فيظن بالجبهة الظنون خاصة وأن كثيرا من الفصائل صارت تثق فيهم وكذلك وعامة الشعب السوري المنتفض.
3- غلق الباب على القنوات العلمانية والصهيوصليبية من أمثال الجزيرة والسي إن إن والعربية والقنوات الصفوية كالمنار والسورية من استغلال الخبر وإظهارهم في مظهر المخادعين للفصائل والشعب السوري.
4- يقول: [فإننا لم نُستشر ولم نستأمر] أي لم يأخذ بمشورتنا أحد في هذا فضلا عن أن نكون قد اتفقنا عليه, وكذلك لم نأخذ أوامر في ذلك حتى نطبقه ونظهره للناس.
5- ثم بدأ ذكر الحيثيات التي تمهد له الطريق في إعلان بيعته متضمنا الحرص على أن يجيب عما يخطر ببال شتى المخاطبين ويغلق الباب على سائر المخالفين.
ـــــــــــــــــ
يقول الجولاني:[وسنمر عليها سريعا]
[بعدما كُشفت بعض الأوراق أننا واكبنا جهاد العراق مذ مبدأه إلى حين عودتنا بعد الثورة السورية مع ما حصل لنا من انقطاع قدري إلا أننا قد اطلعنا على أغلب تفاصيل الأحداث الجسام التي مرت على مسيرة الجهاد في العراق واستخلصنا من تجربتنا هناك ما سر قلوب المؤمنين بأرض الشام تحت راية جبهة النصرة ]
ــــــــــــــ
التعليق:
1- يكف الشيخ ألسنة أهل الجاهلية ويدرأ الفتن عن الصادقين فيبين أن جبهة النصرة لا تعرف القومية وأنها كانت تقاتل في العراق مذ ولادة الجهاد فيه.
2- أنهم أهل جهاد وصبر ومثابرة استفادوا منها وحق لهم أن يجتهدوا فيما هم برزوا فيه فهم مع توحيدهم لله تعالى قد جاهدوا أعتى فصائل الكفر والردة.
3- يشير باستفادته أن الإخلاص والجهاد وحسن الدعوة كان سر اجتماع القلوب حول المجاهدين فبذلوا جهدهم حتى صار ما نراه من حب الناس لجبهة النصرة.
ـــــــــــ
يقول الجولاني:
[وقد علم الله جل في علاه أنّا ما رأينا من إخواننا في العراق إلا الخير العظيم من الجود والكرم وحسن الإيواء وأن أفضالهم لا تعد ولا تحصى وهو دين لا يفارق أعناقنا ما حيينا
وما وددت الخروج من العراق قبل أن أرى رايات الإسلام تُرفع خفاقة عالية على أرض الرافدين لكن سرعة الأحداث بالشام حالت بيننا وبين ما نبتغي .
لقد تشرفت بصحبة العديد من أهل الصلاح بالعراق نحسبهم كذلك ، وفارقنا منهم الكثير فما يكاد يُذكر أحد أمامي إلا قلت تقبله الله ناهيكم عن عشرات بل مئات المهاجرين الذين قضوا نحبهم من الشاميين وغيرهم فداءا لإعلان كلمة الله تحت راية دولة العراقالإسلامية.
ــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ ما يلي:
1- إنصاف إخوة العراق وحفظ قلوبهم بذكر مناقبهم وما يحفظه لهم من خير وفلاح.
2- أنه لم يخرج من العراق إلا لحاجة ملحة وهي فتح باب من أبواب الخير والجهاد في الشام مع حبه للعراق وتمنيه أن ترفع الراية حينها, محاولا غلق الباب على من يعترض فيقول: لما خرج من العراق كعادة العاشقين للنقد المشعلين للفتن.
3- استغلال الإصدار في الإعلان عن فضل مجاهدي العراق وبسالتهم وصبرهم على الخير وأنه يحبهم ويواليهم ولا ينسى فضلهم ولا حسن جوارهم, في محاولة صارخة لغلق أفواه المؤلبين بين الجبهتين [دولة العراق والجبهة].
4- تذكير لطيف بأنهم مع ذلك وقفوا مع مجاهدي العراق قدر استطاعتهم حتى كانوا عشرات بل مئات هاجروا إلى تلك الدولة المباركة قاصدين إعلاء كلمة الله تعالى ولم يعرفوا ديموقراطية ولا قومية تثنيهم عن رفع الراية أينما كانت أقرب وأولى.
ـــــــــــــــــــ
يقول الجولاني:
[ثم شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ البغدادي ذلك الشيخ الجليل الذي وفى لأهل الشام حقهم ورد الدين مضاعفا ووافق على مشروع قد طرحناه إليه لنصرة أهلنا المستضعفين بأرض الشام ثم أردفنا بشطر مال الدولة رغم أيام العسرة التي كانت تمر بهم ثم وضع كامل ثقته بالعبد الفقير وخوّله بوضع السياسة والخطة وأردفه ببعض الإخوة وعلى قلتهم إلا أن الله عز وجل قد بارك فيهم وبجمعهم وبدأت الجبهة تخوض غمار الصعوبات شيئا فشيئا إلى أن منّ الله عز وجل علينا ورفرفت راية الجبهة عالية خفاقة ورفرفت معها قلوب المسلمين والمستضعفين وأصبحت الرقم الصعب الذي وازن معركة الأمة اليوم في هذه الأرض ، ومحطّ آمال المسلمين في العالم بأسره ]
ـــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في تلكم الجملة ما يلي:
1- يشير الجولاني بقوله [ثم شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ ] إلى أن معرفته بالشيخ حفظه الله لم تكن مواكبة لبداية جهاده وذلك أن الشيخ البغدادي إنما بويع منذ ثلاثة سنوات فقط والتي كانت بعد مقتل الأمير أبي عمر ووزيره أبي حمزة المهاجر رحمة الله عليهما.
2- حسن الإنصاف ورد الجميل للشيخ البغدادي بذكر مناقبه وجميل صنعه.
3- أن مشروع جبهة النصرة من جيث التخطيط والسياسة وسائر تفاصيله من بنيات أفكار مجاهدو الشام – حفظهم الله -.
4- لم يكن للجولاني أن ينسى فضل الشيخ البغدادي فذكر له صنيع عمله بتمويله للجبهة بنصف مال الدولة وبعض رجالها وإن كانوا قلة مع حاجتها وكروباتها.
ــــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[وقد أعلنا منذ بادئ الأمر أننا نصبوا لإعادة سلطان الله في أرضه ثم النهوض بالأمة لتحكيم شرعه ونشر نهجه وما كنا نريد الاستعجال بالإعلان عن أمر لنا فيه أناة ، فمهام الدولة من تحكيم للشريعة وفض للخصومات والنزاعات والسعي لإحلال الأمن بين المسلمين وتأمين مستلزماتهم قائمة على قدم وساق في الأماكن المحررة رغم ما يشوبها من التقصير فقضية الإعلان لم تكن محل اهتمام في ظل وجود الجوهر]
ــــــــــــــــ
التعقيب:
قلت: صدق وذلك أن العبرة بإقامة التوحيد وعلو كلمة الله تعالى قولا وفعلا وتلكم الأشياء من تحاكم لله وقتال لتكون كلمة الله هي العليا في ذلك تمام الإسلام الذي ابتعث الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم -
ـــــــــــــ
قال الجولاني:
[ثم إن دولة الإسلام في الشام تُبنى بسواعد الجميع دون اقصاء أي طرف أساسي ممن شاركنا الجهاد والقتال في الشام من الفصائل المجاهدة والشيوخ المعتبرين من أهل السنة واخواننا المهاجرين فضلا عن اقصاء قيادات جبهة النصرة وشورتها
ــــــــــــــــــ
التعقيب:
وهذا من تمام الإنصاف وليس كل من قاتل في سوريا من المؤيدين للدولة العراقية ولا للقاعدة وإنما ثمة فصائل مستقلة فيهم من الخير الكثير حتى لو كان ثمة خلافات فالأولى اعتبار الحال فلم يكن من الانصاف ولا من الحنكة السياسية ولا العسكرية أن يهمل مشورة هؤلاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[كما أن قضية تأجيل إعلان الإرتباط لم يكن لرقة في الدين أو خور قد أصاب رجال الجبهة وانما حكمة مستنيرة على أصول شرعية وتاريخ طويل وبذل جهد في فهم السياسة الشرعية التي تلائم واقع الشام والتي اتفق عليها أهل الحل والعقد في بلاد الشام من قيادات الجبهة وطلبة علمها ثم قيادات الفصائل الأخرى وطلبة علمهم ثم من يناصرنا من المشايخ الأفاضل وأهل الرأي والمشورة خارج البلاد.]
ــــــــــــــ
التعقيب:
وهذا رد على من يقول: لماذا لم تعلن جبهة النصرة انتمائها وأخذ ينفث بالشر بقصد أو من دونه, حتى شكك الكثير في انتمائها وشارك المخذِّلين من الغلاة والمخذولين الحط على هؤلاء الأشاوس, ولم يفرق بين إعلان الاسم وإعلان الراية بل هي الحزبية المقيتة ما الذي يهمنا أكثر من ذلك: [وقد أعلنا منذ بادئ الأمر أننا نصبوا لإعادة سلطان الله في أرضه ثم النهوض بالأمة لتحكيم شرعه ونشر نهجه] والعجيب أنه لم ينتظر رأي أهل العلم والسياسة أمثال الشيخ الظواهري والبغدادي والمقدسي والخضير والفهد والعلوان. ثم راح ينتقد وكأنه في عصر الصديق – رضي الله عنه -.
إعلان البيعة:
قال الجولاني:
[وإني لأستجيب إذن لدعوة البغدادي حفظه الله بالارتقاء من الأدنى إلى الأعلى وأقول هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العامنجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله فإننا نبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره والهجرة والجهاد وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرا بواحا لنا فيه من الله برهان ]
ــــــــــــــــــ
وهنا مسألتان:
الأولى: وهي مسألة قد طرحها بعض الحريصين هل كان الجولاني مبايعا للشيخ أبي بكر البغدادي ثم اختلع منها؟ لبيان هذا للناظر لابد من اعتبار حيثيات واقعية وهي:
أن الجولاني قد بايع الشيخ الظواهري مع انفكاك التنظيمين من حيث البيعة أعني تنظيمي القاعدة ودولة العراق الإسلامية, فإن كان قد بايع الشيخ البغدادي فكيف يبايع الشيخ الظواهري؟
والجواب: إن كان يفهم من كونه جاهدَ في صف الدولة بالعراق أنه لابد أن يكون مبايعا فهو كذلك وإن كان لا يشترط فهنا بقي الأمر على الأصل وهو عدم مبايعته وبالتالي عدم اختلاعه منها.
قلت: وتحرير ذلك على وجهين:
** إن كان يفهم من ذلك ضرورة مبايعة الشيخ البغدادي من قبل فهي من جهتين:
1- فإما بيعته كانت مشروطة أو مقيدة حال بقائه في العراق أو قتاله تحت رايته ثم أذن له بعد ذلك.
2- أو أنه لم يجدد البيعة للشيخ أبي بكر وكان مبايعا حينها للشيخ أبي عمر البغدادي خاصة مع تقارب ولاية الشيخ أبي بكر مع اندلاع الثورة السورية.
والوجه الثاني: ألا يلزم من ذلك ضرورة مبايعة الشيخ أبي بكر البغدادي, وحينها يكون الأمر على أصله ولا يقال إنه اختلع من الإمارة وقد يترجح هذا القول لعدة أمور:
1- وهو أقواها: أنه قال: [هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهريحفظه الله] ولم نقل نبايع بل أعلن تجديدها.
2- أنه لا مناقضة في أن يقاتل في صفوف دولة العراق مع مبايعته للشيخ أيمن الظواهري عموما بإذن منه, وتكون طاعة الشيخ البغدادي مقيدة بالميقات المكاني والزماني.
3- إن كان سينزع بيعته فلا يتصور أن ينزعها سائر أعضاء الجبهة وشيوخها كما أن هذا لا يرضاه سائر المناصرين فضلا عن الشيخ الظواهري نفسه فضلا عن خصومة سلمية مع أمير دولة العراق وأن هذا مناقض لكافة السياسات الشرعية والعقلية مع ما نشهد به لرجاحة عقله وحسن تدبيره.
4- إن كان الشيخ الجولاني وشورى النصرة يخشون إعلان الانتساب للدولة العراقية فالانتساب للقاعدة أكثر ضررا وبأسا من حيث النظرة الواقعية المجردة فأقل ما يقال: إن قتال الدولة العراقية له مبرر عند كثير من العامة.
5- أن الأصل في المسلم السلامة وأهل الثغور أولى بتلك القاعدة مع اعتبار أنه مع تزاحم الظنون وجب ردها إلى الأحسن, مع عدم استيقاننا بالسوء واستيقاننا بحسن وصلاح الجبهة وعلو راية التوحيد فيها والله حسيبهم.
وأما المسألة الثانية: لماذا أعلن الجولاني البيعة الآن إن كان فيها مضرة أو مخالفة للحنكة السياسية؟
والجواب من وجوه:
1- أنه لابد من مواكبة الأحداث فأما السكوت فيعني مفسدة أكبر من الحديث فيترك المجال للكذابين والمخذلين والإعلام الصهيوصليبي.
2- أن الإعلان عن الدولة الإسلامية كان ظاهرا معلنا يعلمه القاصي والداني من المتابعين.
3- أنه صار في موطن إما أن يعلن فيه البيعة أو أنه ينفي انتمائه وبالتالي تفتح عليه ألسنة المتحذلقين وفقهاء القاعدين.
ــــــــــــــ
يقول الجولاني:
[وستبقى راية الجبهة كما هي لا يُغير فيها شيء رغم اعتزازنا براية الدولة ومن حملها ومن ضحى وبذل دمه من إخواننا تحت لواءها ]
ـــــــــ
التعقيب:
يجمع الجولاني بين حفظ مقام الشيخ وبين إعلان بيعته للشيخ الظواهري وبين طمأنة الناس وحفظ قلوب ومقام مجاهدي العراق حفظهم الله وموالاته لهم.
ــــــــــــــــــــ
طمأنة الشعب والفصائل:
قال الجولاني:
[ونطمئن أهلنا في الشام أن ما رأيتموه من الجبهة من ذودها عن دينكموأعراضكم ودماءكم وحسن خلقها معكم ومع الجماعات المقاتلة ستبقى كما عهدتموها وأن اعلان البيعة لن يغير شيء في سياستها
اللهم اجمع كلمتنا على الحق والهدى آمين آمين والحمد لله رب العالمين
خادم المسلمين المسؤول العام لجبهة النصرة أبو محمد الجولاني]
ـــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ ما يلي:
1- طمأنة واضحة لعموم الشعب السوري بألفاظ واضحة رقيقة ظاهرة [أهلنا] و [ حفظ الدين والأعراض والدماء وحسن الخلق]
2- طمأنة سائر الجماعات المقاتلة من كونها لا تقاتلهم ولن تخلف معهم موعدا وعدتهم به الجبهة.
3- اختتم بالدعاء بالاجتماع على الحق والهدى في إشارة إلى أن هذه هي غايتهم الاجتماع على الحق المستبين, ثم وقع بوصفه خادما للمسلمين ليس مستعلٍ عليهم ولا مريدا بهم شرا.
ــــــــــــ
وأخيرا: أسأل الله أن يجعل قلوبنا سليمة وألسنتنا وايدينا عاملة لنصرة أهلنا في شتى بقاع الأرض وأن يستعملنا في إقامة دينه لا فتنة خلقه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين.
المسئول ﺍﻟﻌﺎﻡ لـــــــجبهة ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ.
الحمد لله وحده:
تطايرت أقلام الحريصين, كلٌ يبُتُّ برأيه في إعلان الدولة الإسلامية وما عقبها من إصدار صوتي للشيخ الجولاني يؤكد فيه بيعته للشيخ أيمن الظواهري فكان الناس فيه على ثلاثة أقوال:
1- قول: يجتهد في تبيان الخطأ الإعلامي الحادث من جهتي دولة العراق وجبهة النصرة.
2- قول: يجتهد في الرد والذب عن المجاهدين.
3- قول: يجتهد في تهدئة الإخوة بترك الفتنة وكنت أقول بقولهم حتى رأيت الشبه والصيحات تتعالى حتى والله شككت في بعضها إنها تريد بالمجاهدين سوءا, فعزمت على تبيان وجهة الإعلان من حيث النظر والاحتمال.
وسيكون الرد بوضع الجملة التامة المعنى والاستفادة مما يحويها ويتضمنها من ردود ومعان صالحة لرد الظنون والتخرصات المعادية. بإذن الله تعالى.
يقول الشيخ الجولاني في المادة الصوتية:
[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
أيها المسلمون في كل مكان ، قيادات الحركات الجهادية قيادات الفصائل المسلحة ، أهل الشام ، أبناء جبهة النصرة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في قوله بعد الثناء ما يلي:
1- ابتداؤه بالسلام, مع ترتيب المخاطبين, المسلمون جميعا ثم قيادات الجهاد ثم أهل الشام ثم أبناء الجبهة, وهذا له دلالة هامة في لغة الخطاب عامة وما يتضمنه وغايته ونتائجه.
2- دلالة توجيه الخطاب فيها مراعاة أن جبهة النصرة لا تقتصر بدعوتها القتالية على المؤيدين أو المناصرين من ذي قبل بل هي تدعو المسلمين عامة وأهل الشام خاصة وكذلك طمأنة كافة القيادات العسكرية والفصائل الأخرى.
3- على ما سبق لابد أن يكون الخطاب مستوعبا لكافة المخاطبين من حيث التخوفات المستقبلية من جهة والاتفاقات الضمنية العرفية الحالية من جهة أخرى. وهذا ضروري جدا في الخطاب وإلا صار خطابا قاصرا.
ـــــــــــــ
قال الجولاني:
[قال الحق جل في علاه { ألم ، أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولواآمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }
ـــــــــــ
التعقيب:
استفتاحه بتلكم الآية كأنه يشير إلى:
1- البلاء الذي حل بالديار عموما.
2- أننا في خضم فتنة يمتحن الله بها الناس خصوصا المناصرين ليعلم الله الصادق من الكاذب. وكأنه يحث على الثبات في الفتن والمحن.
3- وتفصيل ذلك: أنه قد يتعرض للخصومة من قبل بعض الفصائل وإساءات الظنون وما يجره من استغلال الخصوم لهذا الخبر وأنه يجب عليه وسائر قادة الجبهة ومن ينصرونهم بغية مرضاة الله أن يصبروا حتى ينجوا من تلكم الفتنة.
ـــــــ
يقول الجولاني:
[لقد دار حديث حول خطاب منسوب للشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله وذُكر في الخطاب المنسوب للشيخ تبعية الجبهة لدولة العراق الاسلامية ثم أعلن فيه الغاء اسم دولة العراق وجبهة النصرةواستبدالهما باسم واحد الدولة الاسلامية في العراق والشام]
ـــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في تلكم الجملة ما يلي:
1- بيان متابعته لردود أفعال الناس عموما – وهذا ضروري لاشك - وقد خرج الإصدار سريعا رغم أن مثل هكذا أمور من حيث الصياغة والاتفاق على المضمون بين شورى الجبهة قد يأخذ وقتا, خاصة مع الاعتبارات التي سبق الإشارة إليها وسيأتي تفصيل ذلك.
2- وصف الإصدار المنتشر على لسان الشيخ أبي بكر البغدادي [بالمنسوب] لوضع احتمالية – حتى إن كانت مرجوحة – أن يكون الإصدار مكذوبا, من حيث تقليد الصوت أو نشره من قبل مدسوسين بين أبناء التيار.
3- اقتصاره على أهم نقطة وركيزة في الخطاب المنسوب للشيخ البغدادي [إلغاء اسم جبهة النصرة ودولة العراق واستبدالهما باسم الدولة الإسلامية] فهو يعلم أن السامع لم يشغل باله سوى تلك المسألة الركيزة.
4- توضيح سبب رده وإصداره لمن لم يكن قد سمع الخبر سواء بتغافل أو بانشغال.
ـــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[لذا نحيط الناس علما أن قيادات الجبهة ومجلس شورتها والعبد الفقير المسئول العام لجبهة النصرة لم يكونوا على علم بهذا الإعلان سوى ما سمعوه من وسائل الإعلام فإن كان الخطاب المنسوب حقيقة فإننا لم نُستشر ولم نُستأمر ، وأقول بالله مستعينا]
ــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في ذلك ما يلي:
1- ابتدأ – بعد المقدمة الضرورية – بتوضيح موقف الجبهة من قيادات ومجلس شورى والمسئول العام.
2- وما سبق إنما من جنس التبرئة لما قد ينسب إلى الجبهة من تواطؤ على ذلك من غير إعلان وإخبار لبقية الفصائل المتعاونين معها فيظن بالجبهة الظنون خاصة وأن كثيرا من الفصائل صارت تثق فيهم وكذلك وعامة الشعب السوري المنتفض.
3- غلق الباب على القنوات العلمانية والصهيوصليبية من أمثال الجزيرة والسي إن إن والعربية والقنوات الصفوية كالمنار والسورية من استغلال الخبر وإظهارهم في مظهر المخادعين للفصائل والشعب السوري.
4- يقول: [فإننا لم نُستشر ولم نستأمر] أي لم يأخذ بمشورتنا أحد في هذا فضلا عن أن نكون قد اتفقنا عليه, وكذلك لم نأخذ أوامر في ذلك حتى نطبقه ونظهره للناس.
5- ثم بدأ ذكر الحيثيات التي تمهد له الطريق في إعلان بيعته متضمنا الحرص على أن يجيب عما يخطر ببال شتى المخاطبين ويغلق الباب على سائر المخالفين.
ـــــــــــــــــ
يقول الجولاني:[وسنمر عليها سريعا]
[بعدما كُشفت بعض الأوراق أننا واكبنا جهاد العراق مذ مبدأه إلى حين عودتنا بعد الثورة السورية مع ما حصل لنا من انقطاع قدري إلا أننا قد اطلعنا على أغلب تفاصيل الأحداث الجسام التي مرت على مسيرة الجهاد في العراق واستخلصنا من تجربتنا هناك ما سر قلوب المؤمنين بأرض الشام تحت راية جبهة النصرة ]
ــــــــــــــ
التعليق:
1- يكف الشيخ ألسنة أهل الجاهلية ويدرأ الفتن عن الصادقين فيبين أن جبهة النصرة لا تعرف القومية وأنها كانت تقاتل في العراق مذ ولادة الجهاد فيه.
2- أنهم أهل جهاد وصبر ومثابرة استفادوا منها وحق لهم أن يجتهدوا فيما هم برزوا فيه فهم مع توحيدهم لله تعالى قد جاهدوا أعتى فصائل الكفر والردة.
3- يشير باستفادته أن الإخلاص والجهاد وحسن الدعوة كان سر اجتماع القلوب حول المجاهدين فبذلوا جهدهم حتى صار ما نراه من حب الناس لجبهة النصرة.
ـــــــــــ
يقول الجولاني:
[وقد علم الله جل في علاه أنّا ما رأينا من إخواننا في العراق إلا الخير العظيم من الجود والكرم وحسن الإيواء وأن أفضالهم لا تعد ولا تحصى وهو دين لا يفارق أعناقنا ما حيينا
وما وددت الخروج من العراق قبل أن أرى رايات الإسلام تُرفع خفاقة عالية على أرض الرافدين لكن سرعة الأحداث بالشام حالت بيننا وبين ما نبتغي .
لقد تشرفت بصحبة العديد من أهل الصلاح بالعراق نحسبهم كذلك ، وفارقنا منهم الكثير فما يكاد يُذكر أحد أمامي إلا قلت تقبله الله ناهيكم عن عشرات بل مئات المهاجرين الذين قضوا نحبهم من الشاميين وغيرهم فداءا لإعلان كلمة الله تحت راية دولة العراقالإسلامية.
ــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ ما يلي:
1- إنصاف إخوة العراق وحفظ قلوبهم بذكر مناقبهم وما يحفظه لهم من خير وفلاح.
2- أنه لم يخرج من العراق إلا لحاجة ملحة وهي فتح باب من أبواب الخير والجهاد في الشام مع حبه للعراق وتمنيه أن ترفع الراية حينها, محاولا غلق الباب على من يعترض فيقول: لما خرج من العراق كعادة العاشقين للنقد المشعلين للفتن.
3- استغلال الإصدار في الإعلان عن فضل مجاهدي العراق وبسالتهم وصبرهم على الخير وأنه يحبهم ويواليهم ولا ينسى فضلهم ولا حسن جوارهم, في محاولة صارخة لغلق أفواه المؤلبين بين الجبهتين [دولة العراق والجبهة].
4- تذكير لطيف بأنهم مع ذلك وقفوا مع مجاهدي العراق قدر استطاعتهم حتى كانوا عشرات بل مئات هاجروا إلى تلك الدولة المباركة قاصدين إعلاء كلمة الله تعالى ولم يعرفوا ديموقراطية ولا قومية تثنيهم عن رفع الراية أينما كانت أقرب وأولى.
ـــــــــــــــــــ
يقول الجولاني:
[ثم شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ البغدادي ذلك الشيخ الجليل الذي وفى لأهل الشام حقهم ورد الدين مضاعفا ووافق على مشروع قد طرحناه إليه لنصرة أهلنا المستضعفين بأرض الشام ثم أردفنا بشطر مال الدولة رغم أيام العسرة التي كانت تمر بهم ثم وضع كامل ثقته بالعبد الفقير وخوّله بوضع السياسة والخطة وأردفه ببعض الإخوة وعلى قلتهم إلا أن الله عز وجل قد بارك فيهم وبجمعهم وبدأت الجبهة تخوض غمار الصعوبات شيئا فشيئا إلى أن منّ الله عز وجل علينا ورفرفت راية الجبهة عالية خفاقة ورفرفت معها قلوب المسلمين والمستضعفين وأصبحت الرقم الصعب الذي وازن معركة الأمة اليوم في هذه الأرض ، ومحطّ آمال المسلمين في العالم بأسره ]
ـــــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ في تلكم الجملة ما يلي:
1- يشير الجولاني بقوله [ثم شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ ] إلى أن معرفته بالشيخ حفظه الله لم تكن مواكبة لبداية جهاده وذلك أن الشيخ البغدادي إنما بويع منذ ثلاثة سنوات فقط والتي كانت بعد مقتل الأمير أبي عمر ووزيره أبي حمزة المهاجر رحمة الله عليهما.
2- حسن الإنصاف ورد الجميل للشيخ البغدادي بذكر مناقبه وجميل صنعه.
3- أن مشروع جبهة النصرة من جيث التخطيط والسياسة وسائر تفاصيله من بنيات أفكار مجاهدو الشام – حفظهم الله -.
4- لم يكن للجولاني أن ينسى فضل الشيخ البغدادي فذكر له صنيع عمله بتمويله للجبهة بنصف مال الدولة وبعض رجالها وإن كانوا قلة مع حاجتها وكروباتها.
ــــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[وقد أعلنا منذ بادئ الأمر أننا نصبوا لإعادة سلطان الله في أرضه ثم النهوض بالأمة لتحكيم شرعه ونشر نهجه وما كنا نريد الاستعجال بالإعلان عن أمر لنا فيه أناة ، فمهام الدولة من تحكيم للشريعة وفض للخصومات والنزاعات والسعي لإحلال الأمن بين المسلمين وتأمين مستلزماتهم قائمة على قدم وساق في الأماكن المحررة رغم ما يشوبها من التقصير فقضية الإعلان لم تكن محل اهتمام في ظل وجود الجوهر]
ــــــــــــــــ
التعقيب:
قلت: صدق وذلك أن العبرة بإقامة التوحيد وعلو كلمة الله تعالى قولا وفعلا وتلكم الأشياء من تحاكم لله وقتال لتكون كلمة الله هي العليا في ذلك تمام الإسلام الذي ابتعث الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم -
ـــــــــــــ
قال الجولاني:
[ثم إن دولة الإسلام في الشام تُبنى بسواعد الجميع دون اقصاء أي طرف أساسي ممن شاركنا الجهاد والقتال في الشام من الفصائل المجاهدة والشيوخ المعتبرين من أهل السنة واخواننا المهاجرين فضلا عن اقصاء قيادات جبهة النصرة وشورتها
ــــــــــــــــــ
التعقيب:
وهذا من تمام الإنصاف وليس كل من قاتل في سوريا من المؤيدين للدولة العراقية ولا للقاعدة وإنما ثمة فصائل مستقلة فيهم من الخير الكثير حتى لو كان ثمة خلافات فالأولى اعتبار الحال فلم يكن من الانصاف ولا من الحنكة السياسية ولا العسكرية أن يهمل مشورة هؤلاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الجولاني:
[كما أن قضية تأجيل إعلان الإرتباط لم يكن لرقة في الدين أو خور قد أصاب رجال الجبهة وانما حكمة مستنيرة على أصول شرعية وتاريخ طويل وبذل جهد في فهم السياسة الشرعية التي تلائم واقع الشام والتي اتفق عليها أهل الحل والعقد في بلاد الشام من قيادات الجبهة وطلبة علمها ثم قيادات الفصائل الأخرى وطلبة علمهم ثم من يناصرنا من المشايخ الأفاضل وأهل الرأي والمشورة خارج البلاد.]
ــــــــــــــ
التعقيب:
وهذا رد على من يقول: لماذا لم تعلن جبهة النصرة انتمائها وأخذ ينفث بالشر بقصد أو من دونه, حتى شكك الكثير في انتمائها وشارك المخذِّلين من الغلاة والمخذولين الحط على هؤلاء الأشاوس, ولم يفرق بين إعلان الاسم وإعلان الراية بل هي الحزبية المقيتة ما الذي يهمنا أكثر من ذلك: [وقد أعلنا منذ بادئ الأمر أننا نصبوا لإعادة سلطان الله في أرضه ثم النهوض بالأمة لتحكيم شرعه ونشر نهجه] والعجيب أنه لم ينتظر رأي أهل العلم والسياسة أمثال الشيخ الظواهري والبغدادي والمقدسي والخضير والفهد والعلوان. ثم راح ينتقد وكأنه في عصر الصديق – رضي الله عنه -.
إعلان البيعة:
قال الجولاني:
[وإني لأستجيب إذن لدعوة البغدادي حفظه الله بالارتقاء من الأدنى إلى الأعلى وأقول هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العامنجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله فإننا نبايع على السمع والطاعة في المنشط والمكره والهجرة والجهاد وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرا بواحا لنا فيه من الله برهان ]
ــــــــــــــــــ
وهنا مسألتان:
الأولى: وهي مسألة قد طرحها بعض الحريصين هل كان الجولاني مبايعا للشيخ أبي بكر البغدادي ثم اختلع منها؟ لبيان هذا للناظر لابد من اعتبار حيثيات واقعية وهي:
أن الجولاني قد بايع الشيخ الظواهري مع انفكاك التنظيمين من حيث البيعة أعني تنظيمي القاعدة ودولة العراق الإسلامية, فإن كان قد بايع الشيخ البغدادي فكيف يبايع الشيخ الظواهري؟
والجواب: إن كان يفهم من كونه جاهدَ في صف الدولة بالعراق أنه لابد أن يكون مبايعا فهو كذلك وإن كان لا يشترط فهنا بقي الأمر على الأصل وهو عدم مبايعته وبالتالي عدم اختلاعه منها.
قلت: وتحرير ذلك على وجهين:
** إن كان يفهم من ذلك ضرورة مبايعة الشيخ البغدادي من قبل فهي من جهتين:
1- فإما بيعته كانت مشروطة أو مقيدة حال بقائه في العراق أو قتاله تحت رايته ثم أذن له بعد ذلك.
2- أو أنه لم يجدد البيعة للشيخ أبي بكر وكان مبايعا حينها للشيخ أبي عمر البغدادي خاصة مع تقارب ولاية الشيخ أبي بكر مع اندلاع الثورة السورية.
والوجه الثاني: ألا يلزم من ذلك ضرورة مبايعة الشيخ أبي بكر البغدادي, وحينها يكون الأمر على أصله ولا يقال إنه اختلع من الإمارة وقد يترجح هذا القول لعدة أمور:
1- وهو أقواها: أنه قال: [هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهريحفظه الله] ولم نقل نبايع بل أعلن تجديدها.
2- أنه لا مناقضة في أن يقاتل في صفوف دولة العراق مع مبايعته للشيخ أيمن الظواهري عموما بإذن منه, وتكون طاعة الشيخ البغدادي مقيدة بالميقات المكاني والزماني.
3- إن كان سينزع بيعته فلا يتصور أن ينزعها سائر أعضاء الجبهة وشيوخها كما أن هذا لا يرضاه سائر المناصرين فضلا عن الشيخ الظواهري نفسه فضلا عن خصومة سلمية مع أمير دولة العراق وأن هذا مناقض لكافة السياسات الشرعية والعقلية مع ما نشهد به لرجاحة عقله وحسن تدبيره.
4- إن كان الشيخ الجولاني وشورى النصرة يخشون إعلان الانتساب للدولة العراقية فالانتساب للقاعدة أكثر ضررا وبأسا من حيث النظرة الواقعية المجردة فأقل ما يقال: إن قتال الدولة العراقية له مبرر عند كثير من العامة.
5- أن الأصل في المسلم السلامة وأهل الثغور أولى بتلك القاعدة مع اعتبار أنه مع تزاحم الظنون وجب ردها إلى الأحسن, مع عدم استيقاننا بالسوء واستيقاننا بحسن وصلاح الجبهة وعلو راية التوحيد فيها والله حسيبهم.
وأما المسألة الثانية: لماذا أعلن الجولاني البيعة الآن إن كان فيها مضرة أو مخالفة للحنكة السياسية؟
والجواب من وجوه:
1- أنه لابد من مواكبة الأحداث فأما السكوت فيعني مفسدة أكبر من الحديث فيترك المجال للكذابين والمخذلين والإعلام الصهيوصليبي.
2- أن الإعلان عن الدولة الإسلامية كان ظاهرا معلنا يعلمه القاصي والداني من المتابعين.
3- أنه صار في موطن إما أن يعلن فيه البيعة أو أنه ينفي انتمائه وبالتالي تفتح عليه ألسنة المتحذلقين وفقهاء القاعدين.
ــــــــــــــ
يقول الجولاني:
[وستبقى راية الجبهة كما هي لا يُغير فيها شيء رغم اعتزازنا براية الدولة ومن حملها ومن ضحى وبذل دمه من إخواننا تحت لواءها ]
ـــــــــ
التعقيب:
يجمع الجولاني بين حفظ مقام الشيخ وبين إعلان بيعته للشيخ الظواهري وبين طمأنة الناس وحفظ قلوب ومقام مجاهدي العراق حفظهم الله وموالاته لهم.
ــــــــــــــــــــ
طمأنة الشعب والفصائل:
قال الجولاني:
[ونطمئن أهلنا في الشام أن ما رأيتموه من الجبهة من ذودها عن دينكموأعراضكم ودماءكم وحسن خلقها معكم ومع الجماعات المقاتلة ستبقى كما عهدتموها وأن اعلان البيعة لن يغير شيء في سياستها
اللهم اجمع كلمتنا على الحق والهدى آمين آمين والحمد لله رب العالمين
خادم المسلمين المسؤول العام لجبهة النصرة أبو محمد الجولاني]
ـــــــــــ
التعقيب:
يلاحظ ما يلي:
1- طمأنة واضحة لعموم الشعب السوري بألفاظ واضحة رقيقة ظاهرة [أهلنا] و [ حفظ الدين والأعراض والدماء وحسن الخلق]
2- طمأنة سائر الجماعات المقاتلة من كونها لا تقاتلهم ولن تخلف معهم موعدا وعدتهم به الجبهة.
3- اختتم بالدعاء بالاجتماع على الحق والهدى في إشارة إلى أن هذه هي غايتهم الاجتماع على الحق المستبين, ثم وقع بوصفه خادما للمسلمين ليس مستعلٍ عليهم ولا مريدا بهم شرا.
ــــــــــــ
وأخيرا: أسأل الله أن يجعل قلوبنا سليمة وألسنتنا وايدينا عاملة لنصرة أهلنا في شتى بقاع الأرض وأن يستعملنا في إقامة دينه لا فتنة خلقه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق