تعديل

الثلاثاء، 24 مارس 2015

استفسار [...] بخصوص راية الرسول صلى الله عليه وسلم وهل يشرع اتخاذ راية مخالفة وان تتعدد الرايات في كل بلد وان تُرفع رايات سايكس بيكو؟

الحمد لله رب العالمين ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حياك الله أخي الكريم ..
والجواب اختصارا على شقين:
ـــــــــــــــــــــــ
الشق الأول الخاص بسؤالك: وهو / بخصوص راية الرسول صلى الله عليه وسلم وهل يشرع اتخاذ راية مخالفة وان تتعدد الرايات في كل بلد وان تُرفع رايات سايكس بيكو؟
فيجاب بما يلي:
1- إن ثمة اشتراك بين اللواء والراية وذلك أن كليهما علم يتخذ لأصحابهما لفوائد منها التمييز عن الغير وكذا علامة على النصر.
2- كما أن ثمة فرق بينهما فاللواء هو العلم الذي يعقد للولاة كما قال الليث ذكره الأزهري في تهذيب اللغة. وأما الراية فهي ما تتخذ للقادة فيكون لكل قائد راية تجتمع الجماعة تحته ] وذكره السرخسي, وافاد ابن العربي بعض الفروق الأخرى, والشاهد أن اللواء يدور مع الأمير حيث دار والراية يتولاها صاحب الحرب.
3- أن لون الراية لا بأس بتغيره وإن كان راية النبي – صلى الله عليه وسلم – العقاب بضم العين وذلك أن الأسود هو علم على أصحاب القتال وكونه أفضل لرؤيته في النهار وعند الغبار لكن اللواء لابد أن يكون واحدا يرجع إليه القادة فهو واحد والرايات متعددة كما قال السرخسي. ويقول ابن القيم في زاد المعاد [ وكانت له راية سوداء يقال لها : العقاب وفي سنن أبي داود عن رجل من الصحابة قال : رأيت راية رسول الله صلى الله عليه و سلم صفراء وكانت له ألوية بيضاء وربما جعل فيها الأسود]. وفي السنن أيضا أنه دخل مكة وله لواء أبيض ] كما عند الترمذي.
4- وعلى ذلك يجوز التمييز بين البلدان المسلمة أو القبائل بالألوية كما فعل بين الأوس والخزرج وبين القبائل ليتعارف الناس في الحرب ولتخف المؤنة على الإمام كما قال الشافعي في الأم, بل قال إن النبي – صلى الله عليه وسلم – جعل لكل قبيلة شعارا. وقد عقد الشافعي بابا في بيان هذا كله [باب تقويم الناس في دوانهم].
فعلى ذلك: مثلا يجوز أن تختلف ألوان الرايات بين قادة الجهاد مثلا في الشيشان مع راية دولة العراق الإسلامية مع راية جبهة النصرة مع راية حركة شباب الصومال مع راية مجلس الشورى بمصر مع راية أنصار الشريعة باليمن ... لكنها تتفق في كونها مرفوعة لإعلاء كلمة الله تعالى. وقد جعل الله حدا فاصلا بين جيش الإسلام وبين جيش الكفر حدا واضحا جليا قال تعالى: [الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا], فكل لواء يعقد لسبيل الله وحده وإعلاء رايته فهو اللواء الحق. وفي الحديث: [من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية] كما في الصحيح.
لكن السؤال الآن:
هل يجوز رفع ألوية الجاهلية والقومية والديموقراطية الشركية العفنة؟ أو بمعنى آخر: هل هذا الجواب الذي أفتى به الشيخ المفتي يسقط على واقعنا الأليم؟
والجواب هو جوابا عن الشق الثاني فنقول:
قطعا لا وذلك أن الألوية والرايات لا ترفع إلا تعظيما للوطنية والقومية والعصبية الجاهلية وذلك هو السؤال الذي كان ينبغي أن يسأله السائل للمفتي ولو أن المفتي تكلم كلاما صريحا لما استطاع أن يكون له موضعا بين مراكز الفتوى وستبدل دارهم اعتقالا.
فهذه الألوية التي ترفع وتبجل وتحترم ويقف الشعب أمامها إجلالا واحتراما أكثر من تعظيمهم الصلاة كما قال بعض الدعاة, فضلا عن الشعارات القومية الجاهلية التي يقولونها. وأخطأ أو غفل غفلة عظيمة من حرم الوقوف أمام العلم أو له لمجرد الموسيقى بل الموسيقى هي أهون ذنب في تعظيم العلم, بل العبارات كلها عصبية جاهلية وقومية بغيضة نتنة, بل السنة أن يقال في من فعل ذلك عالما عض بهن أبيك ولا يكني, إن لم يرجع بعد النصح, فهذه الجاهلية القومية ما هي إلا شوكة من آثار اتفاقية سايكس بيكو التي قامت بها الإمبراطوريتان الفرنسية والبريطانية والتي تتضمن تقسيم الدول الإسلامية والإمارات إلى دويلات ثم إحداث واختلاق الصراع بينهم حتى يستقيم لهم السيطرة العقدية والمادية عن طريق خلق بدعة الوطنية والقومية فصار كل حزب بما لديهم فرحين يوالي ويعادي عليه. فضلا عن تجنيد الحكومات واستخلاف حكومات خونة, وإعلام عميل كلما تآلف المسلمون رأيتهم أحدثوا فتنا عظيمة وثقوبا وتشكيكا في عقائد المسلمين ونشر العقائد الشركية ومعاداة كل حق وترسيخ كل باطل وتعبيد الناس للإعلام تعبيدا ظاهرا حتى صار الناس يرضون إذا رضي الإعلام ويغضبون لغضبه, وهذه أليات لصناعة مسخ عقدي وفطر فاسدة منتكسة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا كما هو الحال في كثير من الأمة والأمر يطول مفاده في قوله تعالى: [قل إن هدى الله هو الهدى] وهو الجهاد في سبيله كما هو ظاهر تفسير قتادة ذكره عنه ابن أبي حاتم في تفسيره.
ونسأل الله العفو والعافية.
ـــــــــــــــــــــــ
والحمد لله في الأولى والآخرة.
وكتبه أبو صهيب الحنبلي.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More