قول الطبري في تفسيره لقولهِ تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [ وهم يظنون بأنهم بفعلهم ذلك لله مطيعون، وفيما ندب عباده إليه مجتهدون، وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته، وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الذي وصف صفتهم في هذه الآية أن سعيهم الذي سعوا في الدنيا ذهب ضلالاً، وقد كانوا يحسبون أنهم يحسنون في صنعهم ذلك، وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم، ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يعلم لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم محسنون صنعه، كانوا مثابين مأجورين عليها، ولكن القول بخلاف ما قالوا فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم كفرة، وأن أعمالهم حابطة"
ـــــــــــ
أخطأ من استدل به على [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين. ومما يقال في ذلك على عجلة:
1- مراد المصنف الرد على من جعل الكفر مقصورا على قصد الكفر أو الجحود والعناد وهذا مذهب المرجئة. يفهم ذلك من غير جهة أذكر منها:
a. في سياق النص: قوله: [وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم]
b. خارج سياق النص قوله: عند قوله تعالى [وهذا من أبلغ الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فركبها عنادا منه لربه فيها، لأن ذلك لو كان كذلك؛ لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هاد وفريق الهدى فرق], وهذا النص يوضح مراد المصنف وأنه يتكلم عن مطلق المعصية.
2- يلزم من ذلك ألا يفرق المصنف بين كفر وشرك بل يلزمه ألا يعذر مطلقا في المعاصي والمكفرات, والحق أن الاستشهاد به أولى لمن يخالفونهم, حينما يقولون: إنه ليس ثمة فرق بين الأصول والفروع [تجوزا] من حيث الإعذار فما يعذر هنا يعذر ما يشابهه [من حيث الظهور والخفاء] وما لا يعذر هنا لا يعذر هنا, وهذا ظاهر كلام المصنف وأنه يرد على من أطلق الأعذار, وهو مذهب كثير من مرجئة العصر [أي إطلاق العذر] . منهم الدولة السلفية السكندرية. إلا أنهم يقولون: يأثم على ترك التعلم لا أنه يستحق إثم المعصية نفسها حسب نوعها كفرا أم دونها.
3- لابد من اعتبار السياق من جهة واعتبار الحالة العامة التي يحمل عليها الرد, فقد يغلب على أهل العلم الشدة في الرد على المرجئة حينا والرد على الخوارج حينا آخر, ولهذا لا تكاد تجد أحدا من المفسرين يأتي عند قوله تعالى: [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هما الكافرون] إلا ويسارع في تبيان إنها كفر دون كفر ومرادهم فيها طمس معالم بدعة التكفير بالكبيرة والعمل الواحد [دون الشرك] وأن فرادى الأعمال [في الحكم] لا تكون كفرا. ولذا لما مر عليها العلماء المعاصرون ممن ابتلوا بغلبة وظهور أحكام الكفر ترونهم يبالغون في الرد على المرجئة كالعلامة أحمد شاكر والعلامة الشنقيطي وما شابه.
[بقية الإجابة مع بقية السؤال]
تم التعديل نسيت كلمة [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين, وهم المراد الرد عليهم. كما أنبه على أن النفي ليس لتعميم الإعذار وإنما الخطأ في الإطلاق سواء في الإعذار أم عدمه.
ـــــــــــ
أخطأ من استدل به على [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين. ومما يقال في ذلك على عجلة:
1- مراد المصنف الرد على من جعل الكفر مقصورا على قصد الكفر أو الجحود والعناد وهذا مذهب المرجئة. يفهم ذلك من غير جهة أذكر منها:
a. في سياق النص: قوله: [وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم]
b. خارج سياق النص قوله: عند قوله تعالى [وهذا من أبلغ الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فركبها عنادا منه لربه فيها، لأن ذلك لو كان كذلك؛ لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هاد وفريق الهدى فرق], وهذا النص يوضح مراد المصنف وأنه يتكلم عن مطلق المعصية.
2- يلزم من ذلك ألا يفرق المصنف بين كفر وشرك بل يلزمه ألا يعذر مطلقا في المعاصي والمكفرات, والحق أن الاستشهاد به أولى لمن يخالفونهم, حينما يقولون: إنه ليس ثمة فرق بين الأصول والفروع [تجوزا] من حيث الإعذار فما يعذر هنا يعذر ما يشابهه [من حيث الظهور والخفاء] وما لا يعذر هنا لا يعذر هنا, وهذا ظاهر كلام المصنف وأنه يرد على من أطلق الأعذار, وهو مذهب كثير من مرجئة العصر [أي إطلاق العذر] . منهم الدولة السلفية السكندرية. إلا أنهم يقولون: يأثم على ترك التعلم لا أنه يستحق إثم المعصية نفسها حسب نوعها كفرا أم دونها.
3- لابد من اعتبار السياق من جهة واعتبار الحالة العامة التي يحمل عليها الرد, فقد يغلب على أهل العلم الشدة في الرد على المرجئة حينا والرد على الخوارج حينا آخر, ولهذا لا تكاد تجد أحدا من المفسرين يأتي عند قوله تعالى: [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هما الكافرون] إلا ويسارع في تبيان إنها كفر دون كفر ومرادهم فيها طمس معالم بدعة التكفير بالكبيرة والعمل الواحد [دون الشرك] وأن فرادى الأعمال [في الحكم] لا تكون كفرا. ولذا لما مر عليها العلماء المعاصرون ممن ابتلوا بغلبة وظهور أحكام الكفر ترونهم يبالغون في الرد على المرجئة كالعلامة أحمد شاكر والعلامة الشنقيطي وما شابه.
[بقية الإجابة مع بقية السؤال]
تم التعديل نسيت كلمة [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين, وهم المراد الرد عليهم. كما أنبه على أن النفي ليس لتعميم الإعذار وإنما الخطأ في الإطلاق سواء في الإعذار أم عدمه.
بقية الجواب:
4- كذلك لابد من اعتبار المجمل والمفصل فربما يغلب على المصنف توجيه النصوص لتبيان مسألة غالبة دونما النظر إلى ما قد يفهم منها من استثناءات – وهذا خطأ كبير يقع فيه طلبة العلم ولعلك تدرك من هذا سبب استدلال الخوارج تارة والمرجئة تارة و فلاسفة المتصوفة تارة بكلام شيخ الإسلام – والصحيح أنه لابد من حمل كلام المصنف المجمل إلى المفصل أو المشكل إلى المحكم فإن لم يكن فالانتباه لمراده والمبالغة في النظر إلى السياق, وسأضرب بالآية السابقة مثلا [ومن لم يحكم بما أنزل الله] فأكثر العلماء يردون الشبهات قائلين: إن قول السلف [كفر دون كفر] إن صح فهو محمول على فرادى الأعمال] ردا على علماء السلاطين, رغم أننا لو نظرنا في هذا لقلنا: ماذا لو أن القاضي أو الحاكم حكم [تطبيقا لا تشريعا] ولو لمرة واحدة بموالاة الكفار هل يدخل في الكفر دون الكفر أيضا؟ قطعا ليس هذا مرادهم وإنما من نظر للكتاب والسنة رأى الاستثناء ليس أصلا وإنما يأتي حينا ويأمر بالجمع بين القولين حينا ولذا كان قوله تعالى: [منه آيات محكمات هن أم الكتاب].
5- ثم إننا إن حملنا قول الطبري على مرادهم فليس قول القائل كنقله عن غيره – غالبا – بل قد نقدم الناقل المتأخر على القائل المتقدم ليس قدحا فيه وإنما لأننا لا نرى قول القائل إجماعا وإنما قد يحصل في الغلبة أو الاتفاق في عصر ما أو الأكثرية مما يقوي أو يرجح إحدى الكفتين.
6- ذكرت غير مرة أن التفريق بين الأصول والفروع بحيث يبنى عليه أحكام الكفر هو قول المعتزلة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى وغيرها, وإنما بنوا هذا على البدعة العقلية التي اخترعوها من كون العقل أساس النقل وأنه لا يثبت إيمان بغير النظر والاستدلال وقيل الشك وقيل القصد إلى النظر وقيل غير ذلك حتى عدها بعض المتكلمة أكثر من عشرين قولا فيها [إن لم تخني الذاكرة]. حتى إنهم اختلفوا في الطفل الصغير الذي لا يحسن النظر والاستدلال وهذا على تعليلهم – صحيح – لأنه متى لم يصح الإسلام إلا بالعقل [والذي لم يثبت إلا بالعلم اليقيني الحاصل بالنظر والاستدلال] لم يكن المرء مسلما, وأنكر عليهم ذلك أبو محمد ابن حزم في الفصل في الملل والنحل وشنع عليهم تشنيعا عظيما, فهذه هي رأس البدعة التي تأثر بها كثير من المنتسبين للسنة وكذا الغلاة – عفانا الله – ولذا لو قلت لهم ما حد العلم بلا إله إلا الله الذي ينجوا به المسلم – مع إمكانية ذلك – لاضطربوا لأنهم سيضطرون إلى أن يجعلوا العلم إما عدما – أي يقولون: عدم الشرك - فينقضون أنفسهم, وإما أن يجعلوا العلم شبه مستحيل على العامي والطفل وما شابه وإلا للزمهم أن يكفروه, ولا يحكموا بإسلام الطفل والعامي .. وأنا هنا أعني الإسلام الحقيقي فإنهم يتفقون معنا في الجملة في الإسلام الحكمي, وهذا الخطل جعل بعضهم – التوقف والتبين وبعضا ممن تأثر بهم وليس منهم – يقول: لقد غلب الكفر والشرك فلن أكفر الناس ولذا سأتوقف فيهم فمن رأيت منه إسلاما حكمت له ومن رأيت منه ناقضا حكمت عليه, ثم اختلف هؤلاء: ما حد الإسلام الذي تثبته به؟ فماذا لو يكفر بالطواغيت لكن لا يكفر أعيانهم جهلا, وماذا لو كانوا يعذرون بالجهل وأنت تعذر ... وهكذا .. وكنت قد تحدثت عن مسألة التوقف والتبين هذه ضمن جواب قريب, على ثلاثة أجزاء لطوله أحد أجزائه:
http://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/108747730813
8- ولعلك تستطيع الآن أن تفهم مصاب القوم في التكفير بالتسلسل وقاعدة من لم يكفر الكافر, ويرجى مراجعة هذا الجواب أيضا لعله يفيدhttp://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/109160562557
والله المستعان. والحمد لله في الأولى والآخرة.
بعض الاخوة يتوقف فى الحكم على العوام بالأسلام معللا ذلك بشرط تبين كفرهم بالطاغوت أولا ؟؟
4- كذلك لابد من اعتبار المجمل والمفصل فربما يغلب على المصنف توجيه النصوص لتبيان مسألة غالبة دونما النظر إلى ما قد يفهم منها من استثناءات – وهذا خطأ كبير يقع فيه طلبة العلم ولعلك تدرك من هذا سبب استدلال الخوارج تارة والمرجئة تارة و فلاسفة المتصوفة تارة بكلام شيخ الإسلام – والصحيح أنه لابد من حمل كلام المصنف المجمل إلى المفصل أو المشكل إلى المحكم فإن لم يكن فالانتباه لمراده والمبالغة في النظر إلى السياق, وسأضرب بالآية السابقة مثلا [ومن لم يحكم بما أنزل الله] فأكثر العلماء يردون الشبهات قائلين: إن قول السلف [كفر دون كفر] إن صح فهو محمول على فرادى الأعمال] ردا على علماء السلاطين, رغم أننا لو نظرنا في هذا لقلنا: ماذا لو أن القاضي أو الحاكم حكم [تطبيقا لا تشريعا] ولو لمرة واحدة بموالاة الكفار هل يدخل في الكفر دون الكفر أيضا؟ قطعا ليس هذا مرادهم وإنما من نظر للكتاب والسنة رأى الاستثناء ليس أصلا وإنما يأتي حينا ويأمر بالجمع بين القولين حينا ولذا كان قوله تعالى: [منه آيات محكمات هن أم الكتاب].
5- ثم إننا إن حملنا قول الطبري على مرادهم فليس قول القائل كنقله عن غيره – غالبا – بل قد نقدم الناقل المتأخر على القائل المتقدم ليس قدحا فيه وإنما لأننا لا نرى قول القائل إجماعا وإنما قد يحصل في الغلبة أو الاتفاق في عصر ما أو الأكثرية مما يقوي أو يرجح إحدى الكفتين.
6- ذكرت غير مرة أن التفريق بين الأصول والفروع بحيث يبنى عليه أحكام الكفر هو قول المعتزلة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى وغيرها, وإنما بنوا هذا على البدعة العقلية التي اخترعوها من كون العقل أساس النقل وأنه لا يثبت إيمان بغير النظر والاستدلال وقيل الشك وقيل القصد إلى النظر وقيل غير ذلك حتى عدها بعض المتكلمة أكثر من عشرين قولا فيها [إن لم تخني الذاكرة]. حتى إنهم اختلفوا في الطفل الصغير الذي لا يحسن النظر والاستدلال وهذا على تعليلهم – صحيح – لأنه متى لم يصح الإسلام إلا بالعقل [والذي لم يثبت إلا بالعلم اليقيني الحاصل بالنظر والاستدلال] لم يكن المرء مسلما, وأنكر عليهم ذلك أبو محمد ابن حزم في الفصل في الملل والنحل وشنع عليهم تشنيعا عظيما, فهذه هي رأس البدعة التي تأثر بها كثير من المنتسبين للسنة وكذا الغلاة – عفانا الله – ولذا لو قلت لهم ما حد العلم بلا إله إلا الله الذي ينجوا به المسلم – مع إمكانية ذلك – لاضطربوا لأنهم سيضطرون إلى أن يجعلوا العلم إما عدما – أي يقولون: عدم الشرك - فينقضون أنفسهم, وإما أن يجعلوا العلم شبه مستحيل على العامي والطفل وما شابه وإلا للزمهم أن يكفروه, ولا يحكموا بإسلام الطفل والعامي .. وأنا هنا أعني الإسلام الحقيقي فإنهم يتفقون معنا في الجملة في الإسلام الحكمي, وهذا الخطل جعل بعضهم – التوقف والتبين وبعضا ممن تأثر بهم وليس منهم – يقول: لقد غلب الكفر والشرك فلن أكفر الناس ولذا سأتوقف فيهم فمن رأيت منه إسلاما حكمت له ومن رأيت منه ناقضا حكمت عليه, ثم اختلف هؤلاء: ما حد الإسلام الذي تثبته به؟ فماذا لو يكفر بالطواغيت لكن لا يكفر أعيانهم جهلا, وماذا لو كانوا يعذرون بالجهل وأنت تعذر ... وهكذا .. وكنت قد تحدثت عن مسألة التوقف والتبين هذه ضمن جواب قريب, على ثلاثة أجزاء لطوله أحد أجزائه:
http://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/108747730813
8- ولعلك تستطيع الآن أن تفهم مصاب القوم في التكفير بالتسلسل وقاعدة من لم يكفر الكافر, ويرجى مراجعة هذا الجواب أيضا لعله يفيدhttp://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/109160562557
والله المستعان. والحمد لله في الأولى والآخرة.
بعض الاخوة يتوقف فى الحكم على العوام بالأسلام معللا ذلك بشرط تبين كفرهم بالطاغوت أولا ؟؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق