تعديل

الثلاثاء، 24 مارس 2015

روابط هامة

رابط حساب الاسك المحذوف أبو صهيب
https://justpaste.it/jwxk

رابط حساب فيس محذوف
https://justpaste.it/slamaadel#_=_

رابط حساب اسك القديم على موقع ارشيف
http://web.archive.org/web/20131113180719/http://ask.fm/abosohaibelhanbly

رابط أسئلة صفحة أنت تسأل وأبو صهيب يجيب
https://justpaste.it/k0os

رابط الحساب الجديد للأسك على موقع أرشيف
https://web.archive.org/web/*/http://ask.fm/AboSohaib83

رابط لجميع أسئلة الآسك المحذوفة
http://sharetext.org/aBrI#_=_

الإرجاء والمرجئة: من شرحي على الحائية لابن أبي داود.

من شرحي على حائية ابن أبي داود:
قال الإمام:




ولا تَــكُ مُرْجِيـًّا لَعُوبًا بِدِينِـهِ


[30]
ألا إنَّمَا المُرْجيُّ بالدِّينِ يَمْـزَحُ



وقُــلْ إنَّما الإيمانُ قـَوْلٌ ونيَّـةٌ


[31]
وِفعْلٌ عَلَى قَـولِ النبيِّ مُصَرَّحُ



ويَنْقُصُ طَـوْرًا بالمعَاصِي وَتَـارةً


[32]
بطَاعَتِهِ يَنْمِي وفي الوَزنِ يَرْجَحُ




ــــــــــــــــــــــــ
الشرح:
((ولا تَــكُ مُرْجِيـًّا لَعُوبًا بِدِينِـهِ))
((ولا تك)): لا الناهية, و((تك)) أصلها تكون ثم حذفت الواو للجزم بعد دخول لا الناهية ثم النون جوازا للتخفيف والتسهيل, وقد مر بنا عند قول المصنف: (( ولا تك بدعيا لعلك تفلح )).
((مرجيا)): أصلها مرجئا وقلبت الهمزة ياء للتسهيل أو للضرورة الشعرية, وكان من عادة العرب قلب الهمز ياء تخفيفا.
وأصل الإرجاء التأخير, لأنهم أخروا العمل عن الإيمان, وقيل إعطاء الرجاء لأنهم قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة, وعلى المعنى الأول أدخل بعض مصنفي الملل الوعيدية ضمن المرجئة قالوا: لأنهم أخروا الحكم على صاحب الكبيرة.([1])
والمرجئة أقسام:
أما المرجئة الخالصة فهي ستة رؤوس: اليونسية والعبيدية والغسانية والثوبانية والتومنية والصالحية.
يقولون الإيمان: هو المعرفة بالله وترك الاستكبار والخضوع له ومحبته بالقلب, والعمل ليس منه ولا يضره الذنب, وإبليس عارف بالله إلا أنه كفر لاستكباره وهو مذهب اليونسية وقريب منهم العبيدية, والتومنية تشبه اليونسية إلا أنها ترى أن الإيمان هو حاصل ترك خصال الكفر ولا يقال لفاعل الكبيرة والصغيرة فاسق ما أقر وقالوا من قتل نبيا كفر لا لقتله ولكن لاستخفافه, وبعضهم يشترط الإقرار بما لا يخالف العقل وهو مذهب الثوبانية, أما الصالحية فهي أكثرهم غلوا, فالإيمان عندهم: هو معرفة الله وهي كونه صانعا, والذي يقول: إن الله ثالث ثلاثة لا يكفر بمجرد الكلمة إنما فقط من العادة ألا تخرج إلا من كافر. ([2])
القسم الثاني: الذين يقولون: الإيمان هو التصديق بالجنان, وأما القول باللسان والعمل بالأركان ففروعه, فمن صدق بالقلب أي أقر بوحدانية الله تعالى واعترف بالرسل تصديقا لهم فيما جاءوا به من عند الله تعالى بالقلب صح إيمانه حتى لو مات عليه في الحال كان مؤمنا ناجيا ولا يخرج من الإيمان إلا بإنكار شيء من ذلك وهو مذهب الأشاعرة والماتريدية. وهؤلاء يجعلون الإيمان شيئا واحدا لا يتجزأ وبالتالي لا يزيد ولا ينقص كما المرجئة الخُلَّص([3])
القسم الثالث: الذين يقولون: إن الإيمان هو النطق باللسان ولو لم يعتقد بقلبه, وهو مذهب الكرامية, ورؤوسهم ستة: الزرينية والعابدية والإسحاقية والتونية والواحدية والهيصمية وهي أقلهم ضلالة.([4])
القسم الرابع: وهم القائلون إن الإيمان: هو النطق باللسان والاعتقاد بالقلب, وهؤلاء هم أخف أقسام المرجئة وهم مرجئة الفقهاء, وهؤلاء يقولون: إن العمل لازم القول والاعتقاد إلا أنه خارج عن مسمى الإيمان وهو شيء واحد لا يتجزأ, وأصل هذا القول وبعده عن لفظ أهل السنة أنهم كانوا في موضع الرد على المعتزلة. ولذلك يقال: إنهم أصابوا الحق في وجه وخالفوه في وجه آخر.
- فمن حيث التلازم بين عمل القلب وعمل الجوارح أصابوا الحق.


- ومن حيث: إخراجهم العمل عن مسمى الإيمان وقولهم إن الإيمان جزء واحد لا يتجزأ فهو بدعي وافقوا فيه أهل الإرجاء ولذلك دخلوا ضمن المرجئة.
((ألا إنَّمَا المُرْجيُّ بالدِّينِ يَمْـزَحُ))
((ألا)): هي الاستفتاحية لتنبيه المخاطب.
((إنما المرجيُّ)) إن للتوكيد وما كفتها عن العمل, والمرجي: أصلها المرجئُ أي من أرجأ العمل عن مسمى الإيمان على ما تقدم بيانه.
((بالدين)) الباء هنا هي باء التعدية القائمة لإيصال المعنى إلى المفعول به. والدين ما يدان به, واللام هنا هي العهدية وهو دين الإسلام الذي لا يقبل الله سواه.
((يمزح)): وفي نسخة: ((يمرح)) بالراء المفتوحة, وأصل ((يمزح)) من الممازحة, و((يمرح)) من المرح وهو شدة الفرح حتى يتجاوز المرء قدره, وكلاهما بمعنى الهزل واللعب أو بمعنى التجاوز أو التهاون في أمور الدين وحرماتها, فهؤلاء تلاعبوا بالدين وتهاونوا في أوامره ونواهيه ونزعوا الخوف من الله من قلوب الناس, ولذلك قال إبراهيم النخعي: [لأنا لفتنة المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الازارقة ] ويقول قال إبراهيم تركت المرجئة الدين ارق من ثوب سابري ] وقال شريك: هم اخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله تعالى ([5]).
((وقُــلْ إنَّما الإيمانُ قـَوْلٌ ونيَّـةٌ)):
((وقل)) بلسانك واعتقد بقلبك وجنانك.
((إنما)) مستدركا على المخالفين, و(إن) للتوكيد, و(ما) كفتها عن العمل, وهي للحصر, على الصحيح, ورجحه شيخ الإسلام.
((الإيمان)): عند أهل السنة ومراده اصطلاحا. والإيمان لغة على قولين:
فقالت طائفة من أهل العلم هو التصديق, يقول الجوهري:
وأما " الإيمان " فهو مصدر: آمن يؤمن إيمانا؛ فهو مؤمن. واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن " الإيمان " معناه: التصديق؛ وقال الله تعالى:) قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا))([6]).
o وذهب شيخ الإسلام إلى أن الإيمان لغة هو الإقرار, قال - رحمه الله -: ((فأصل الإيمان الإقرار والتصديق وفرعه إكمال العمل بالقلب والبدن))([7]), ويقول: ((يقال أقررت له فكان تفسيره بلفظ الإقرار أقرب من تفسيره بلفظ التصديق مع أن بينهما فرقا))([8])
* قلت: كثير من المنتسبين للسنة ممن يقول الإيمان هو التصديق لغة, يقولون إن تعريف الإيمان الاصطلاحي الشرعي أعم من اللغوي ولا يلتزمون قول المرجئة, فمثلا يقول ابن كثير: ((قلت: أما الإيمان في اللغة فيطلق على التصديق المحض، وقد يستعمل في القرآن، والمراد به ذلك - ثم يقول - فأما إذا استعمل مطلقا فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا.))([9]) , بخلاف من لم يفرق بين المعنى اللغوي والاصطلاحي من المرجئة, قال النيسابوري وقال الأستاذ أبو إسحاق في المختصر الإيمان في اللغة والشريعة التصديق ولا يتحقق ذلك إلا بالمعرفة والإقرار))([10]).
((قول)): وهو قول اللسان, وهو النطق بالشهادتين. فمن لم ينطق بلسانه فليس بمسلم لا في الدنيا ولا في الآخرة بإجماع السلف, وقد قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}([11]), قال البغوي: [{ وجحدوا بها } أي: أنكروا الآيات ولم يقروا أنها من عند الله، { واستيقنتها أنفسهم } أي: علموا أنها من عند الله، قوله: { ظلما وعلوا } أي: شركا وتكبرا ]([12])
مسألة: هل يكتفى في قبول الإسلام بشهادة (لا إله إلا الله)؟
* لا يكتفى بها وإنما يكف عنه بها القتال كما ثبت في حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - ثم يطلب منه الإقرار بالرسالة والعمل بمقتضاها وهذا في حق الكافر الأصلي, أما المرتد فإنما يدخل من الباب الذي خرج منه فإن خرج بجحوده شيئا فإنما عليه الإقرار بما جحد وإن كان لترك الصلاة مثلا فعليه إتيانها, وهكذا قال الحافظ ابن حجر عقب حديث ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله)): [وفيه منع قتل من قال لا إله إلا الله ولو لم يزد عليها وهو كذلك لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما الراجح لا بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر فان شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه وإلى ذلك الإشارة بالاستثناء بقوله إلا بحق الإسلام قال البغوي: الكافر إذا كان وثنيا أو ثنويا لا يقر بالوحدانية فإذا قال لا إله إلا الله حكم بإسلامه ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام وأما من كان مقرا بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول محمد رسول الله فان كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة فلا بد أن يقول إلى جميع الخلق فان كان كفر بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده ومقتضى قوله يجبر أنه إذا لم يلتزم تجري عليه أحكام المرتد وبه صرح القفال]([13]), ولم يشترطه الأشاعرة والماتريدية وإنما قالوا هو فرع واجب على تصديق القلب ويلزم لإجراء أحكام الدنيا, وإلا فقد يكون مسلما في الحقيقة كافر عندنا.
((ونية)): وهذا ما يعبر عنه بقول القلب وهو التصديق المنافي للشك, بل بكل ما صح عن الله ورسوله والتسليم والاستسلام والانقياد القلبي لهما, وهذا لم يشترطه الجهمية إنما اشترطوا فقط مجرد المعرفة بوجود الصانع, وكذا الكرامية قالوا النطق فقط, كما تقدم, وهؤلاء صححوا إيمان المنافق كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }([14])
((وفعل)) ويعبر عنه بالعمل, وهو نوعان: عمل القلب, كالخوف والرجاء والمحبة وهذا ما لم تشترطه غلاة الجهمية والكرامية, وعمل الجوارح, وهذا ما لم يشترطه مرجئة الجهمية والأشاعرة والماتريدية والكرامية ومن حذا حذوهم من مرجئة الحكام من مداخلة العصر.
وقد قال شيخ الإسلام: ((وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا ولا صلاة ولا زكاة ولا صياما ولا غير ذلك من الواجبات لا لأجل ان الله أوجبها مثل أن يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث أو يعدل في قسمه وحكمه من غير إيمان بالله ورسوله لم يخرج بذلك من الكفر فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور فلا يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد, ومن قال بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات سواء جعل فعل تلك الواجبات لازما له أو جزءا منه فهذا نزاع لفظي كان مخطئا خطئا بينا وهذه بدعة الإرجاء التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها وقالوا فيها من المقالات الغليظة ما هو معروف والصلاة هي أعظمها وأعمها وأولها وأجلها))([15])
((على قول النبي مصرح)): ولهذا معنيان: إما أن يريد أن الفعل على السنة فهو شرط كما في الحديث: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )), ولهذا كان يقول السلف: الإيمان قول وعمل ونية واتباع سنة, وإما أن يكون مراد المصنف أن هذا منصوص عليه في قول النبي – صلى الله عليه وسلم – وربما يريد معناه منصوص عليه وهذا المعنى متواتر, وإن أراد ما جاء بلفظه: ((الإيمان قول وعمل يزيد وينقص )) فقد روي مرفوعا بسند ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر([16])
قال البخاري: [ بَاب اْلايمَان وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}{وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ{أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ{فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا فَمَنْ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}وَقَالَ مُعَاذٌ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ{شَرَعَ لَكُمْ}أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ{شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}سَبِيلًا وَسُنَّةً ]([17]), وقال الحافظ: [ وفي رواية الكشميهني قول وعمل وهو اللفظ الوارد عن السلف الذين اطلقوا ذلك ]([18]), بل الإجماع منعقد على هذا المعنى:
فنقول:
أجمع أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل ونية, قال ابن كثير: (( فأما إذا استعمل مطلقا فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا, هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة، بل قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيد وغير واحد إجماعا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. وقد ورد فيه آثار))([19]).قلت: ومن الإجماع على ذلك ما رواه اللالكائي وذكره شيخ الإسلام عن الشافعي فقال: ((وقال الشافعي رضي الله عنه في كتاب الأم فى باب النية فى الصلاة يحتج بأن لا تجزئ صلاة إلا بنية بحديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبى إنما الأعمال بالنيات ثم قال وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر))([20]).
وقد عرف المصنف الإيمان بـ (قول وفعل ونية) ويذهب غيره إلى أنه (قول وعمل) , أو قول وعمل ونية واتباع سنة, وكلها بمعنى صحيح قال شيخ الإسلام: ((ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الايمان فتارة يقولون هو قول وعمل وتارة يقولون هو قول وعمل ونية وتارة يقولون قول وعمل ونية واتباع السنة وتارة يقولون قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح وكل هذا صحيح))([21]).
والمقصود هنا أن من قال من السلف الايمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح, ومن أراد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب, ومن قال قول وعمل ونية قال القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان وأما العمل فقد لا يفهم منه النية فزاد ذلك, ومن زاد اتباع السنة فلأن ذلك كله لا يكون محبوبا لله إلا باتباع السنة, وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل إنما أرادوا ما كان مشروعا من الأقوال ولكن كان مقصودهم الرد على المرجئة الذين جعلوه قولا فقط فقالوا بل هو قول وعمل والذين جعلوه أربعة أقسام فسروا مرادهم كما سئل سهل بن عبد الله التستري عن الايمان ما هو فقال قول وعمل ونية وسنة لأن الايمان إذا كان قولا بلا عمل فهو كفر وإذا كان قولا وعملا بلا نية فهو نفاق وإذا كان قولا وعملا ونية بلا سنة فهو بدعة))([22]).
((ويَنْقُصُ طَـوْرًا بالمعَاصِي وَتَـارةً))
((وينقص)) أي الإيمان, والنقص ضد الزيادة, وما يزيد لابد أنه ينقص وما ينقص لابد أنه يزيد.
((طورا)) مفرد أطوارا كما في قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا }([23]), والمعنى: أي تارة.
((بالمعاصي)) جمع معصية ويدخل فيها الكبائر والصغائر وهو اسم جامع لكل ما حرمه الله سواء من ترك الواجبات أو فعل المنهيات وقد مر بنا قريبا, وينقص أيضا بالمكروهات كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
((وتارة)) أخرى, هي هنا جملة استئنافية.
((بطَاعَتِهِ يَنْمِي وفي الوَزنِ يَرْجَحُ))
((بطاعته)) الباء سببية, والطاعة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة وهو أحد معاني العبادة, إذ تلق العبادة ويراد بها الفعل نفسه, وتطلق ويراد بها المتعبد به وهو المفعول به كالصلاة والزكاة من أفعال الجوارح, والمحبة والخوف والرجاء والتوكل من الأفعال القلبية.
((ينمي)): أي الإيمان, من نمى ينمي نماءً, وهو الزيادة.
((وفي الوزن)) قد يراد به الميزان, وقد يراد به الموزون, وفيه أن الأعمال توزن أيضا.
((يرجح)) من الرجحان, ويستعمل للشيء إذا زاد وزنه, وقد تقدم قريبا, وفيه أن الطاعات تكون حقيقية توزن وترجح, على ما ذكرنا في بابه.
وعلى ذلك نقول:
فالإيمان: يزيد بالطاعة من الواجبات والمستحبات, كما ينقص الإيمان بالمحرمات والمكروهات, قال شيخ الإسلام في رسالة في مقام الإيمان له: ((اسم الإيمان يستعمل مطلقا ويستعمل مقيدا وإذا استعمل مطلقا فجميع ما يحبه الله ورسوله من أقوال العبد وأعماله الباطنة والظاهرة يدخل في مسمى الإيمان عند عامة السلف والأئمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم الذين يجعلون الإيمان قولا وعملا يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويدخلون جميع الطاعات فرضها ونفلها في مسماه وهذا مذهب الجماهير من أهل الحديث والتصوف والكلام والفقه من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم, ويدخل في ذلك ما قد يسمى مقاما وحالا مثل الصبر والشكر والخوف والرجاء والتوكل والرضا والخشية والإنابة والإخلاص والتوحيد وغير ذلك ومن هذا ما خرج في الصحيحين عن النبي أنه قال الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان فذكر أعلا شعب الإيمان وهو قول لا إله إلا الله فإنه لا شيء أفضل منها))([24])
لكن لا يزول الإيمان لمجرد إتيان المكروهات أو ترك المستحبات, قال شيخ الإسلام: ثم أن نفى الايمان عند عدمها دل على أنها واجبة وان ذكر فضل إيمان صاحبها ولم ينف إيمانه دل على أنها مستحبة فان الله ورسوله لا ينفى اسم مسمى أمر الله به ورسوله إلا إذا ترك بعض واجباته كقوله لا صلاة إلا بأم القرآن وقوله لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ونحو ذلك, فأما إذا كان الفعل مستحبا في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب فان هذا لو جاز لجاز أن ينفى عن جمهور المؤمنين اسم الايمان))([25])
والإجماع منعقد على أن الإيمان يزيد وينقص:
قال الإسماعيلي في بيانه لعقيدة أهل الحديث: ((ويقولون إن الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، من كثرت طاعته أزيد إيمانا ممن هو دونه في الطاعة))([26]), وقال الآجري: ((ما أحسن ما قال محمد بن علي رضي الله عنهما، وذلك: أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية))([27]).
وقال ابن عبد البر: وعلى أن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية جماعة أهل الآثار والفقهاء أهل الفتوى بالأمصار))([28])
قلت: ومن الأدلة على أن الإيمان يزيد وينقص:
قوله تعالى: {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} - {وزدناهم هدى} - {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} - {والذين اهتدوا زادهم هدى} - {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} - {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا} - {فاخشوهم فزادهم إيمانا} - {وما زادهم إلا إيمانا وتسليما}، وغير ذلك من الآيات، وقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تكونون في كل حالة كحالتكم عندي لصافحتكم الملائكة»([29])
والقول بعدم زيادة الإيمان ونقصانه وأنه لا يذهب بعضه ويبقى بعضه, فهو شيء واحد هو أصل قول المرجئة وهو الذي جعلهم يخرجون العمل عن مسمى الإيمان, على نحو ما ذكرنا تفصيلا عند ذكر أقسام المرجئة, والله تعالى أعلم.


([1]) قال صاحب الشهرستاني: وقيل الإرجاء : تأخير علي رضي الله عنه عن الدرجة الأولى إلى الرابعة فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان))(1\138), وهذا غريب إذ لو صح هذا لدخل أهل السنة ضمن المرجئة فإنهم يغالون في علي فأدناهم يقول: إنه أحق من أبي بكر في الأولوية بينما يرى أهل السنة أنه رابع الخلفاء في الفضل والخلافة على ما استقر عليه أهل السنة بعد خلاف في التفاضل بينه وبين عثمان – رضي الله عنهما -.


([2]) الملل والنحل: (1\138).
([3]) المصدر السابق (1\93). ومجموع الفتاوى (7\510).
([4]) الملل والنحل ((1\107)).
([5])السنة لعبد الله بن أحمد (1/ 312 وما بعدها)


([6])تهذيب اللغة للجوهري باب آمن.
([7])الإيمان الكبير ضمن مجموع الفتاوى (7/ 324)
([8])مجموع الفتاوى (7/ 291)
([9])تفسير ابن كثير (1/ 165)
([10])الفتاوى الكبرى (6/ 508)
([11])[النمل: 14]
([12])تفسير البغوي (6/ 147)
([13])فتح الباري (12/ 279)
([14])[البقرة: 8]
([15]) مجموع الفتاوى (7\621).
([16]) فتح الباري (1\46).
([17])صحيح البخاري ت (1/ 11)
([18])فتح الباري (1/ 46)


([19])تفسير ابن كثير (1/ 165)
([20])مجموع الفتاوى (7/ 171)
([21])مجموع الفتاوى (7/ 170)




([22])مجموع الفتاوى (7/ 209)
([23])[نوح: 14]
([24])مجموع الفتاوى (7/ 642)
([25])مجموع الفتاوى (7/ 14)
([26])اعتقاد أئمة الحديث (ص: 15)
([27])الشريعة (ص: 110)
([28])التمهيد (9/ 252)
([29])من أعلام السنة للحكمي(صــ40ـــ)

الحاكمية: ومناقشة أثر ابن عباس سندا ومتنا.

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم. وبعد:
فهذا شرح للناقض الرابع ضمن شرحي على نواقض الإسلام والذي يتضمن بحثا منفردا لمسألة الحاكمية وما ورد من شبهات مجملة تصلح للمناقشة ورد دعاوى المخالفين من آثار كأثر ابن عباس وطاوس سندا ومتنا, وهو على إجماله قد يبين حقيقة المخالفة ومواطن النزاع ومواطن الإجماع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول المصنف:
((الرابع: من اعتقد أن غير هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه, أو أن حكم غيره أحسن من حكمه – كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((الشرح)):
قوله: ((الرابع)): أي من النواقض العشر.
((اعتقد)): أي عقد قلبه وضميره على ذلك, وهذا لا يلزم منه التنفيذ لما يعتقد فمجرد ذلك كفر بذاته.
((أن غير هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل من هديه)): وهديه – صلى الله عليه وسلم – هو سبيله وطريقته ومعاملاته.
وقوله: ((أن غير هدى النبي )): جاءت مطلقة فيشمل أهل الكتاب وغيرهم من الملاحدة وعَبَدة الأصنام وغيرهم, وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في خطبته المشهورة: [أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأفضل الهدى هدى محمد – صلى الله عليه وسلم - ]([1]), وذلك أن الله تعالى اختار محمدا – صلى الله عليه وسلم – ورضي هديه وخلقه, فمن لم يرض بخلقه أو هديه فقد طعن في حكم الله جل في علاه, وذلك أن الله تعالى قال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}([2]) [ وهو الخلق القويم. ثم فسَّره بقوله: { صراط الله الذي} أي: شرعه الذي أمر به الله ]([3]), ومنه قوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([4]), قال البغوي: [يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم ما ضل عن طريق الهدى { وما غوى. } { وما ينطق عن الهوى } أي: بالهوى يريد لا يتكلم بالباطل، وذلك أنهم قالوا: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يقول القرآن من تلقاء نفسه.]([5]), بل إن أدبه وخلقه إنما هو تشريع وخلق مجسد لآداب القرآن ولذلك قال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}([6]), قال الطبري: [يقول تعالى ذكر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإنك يا محمد لعلى أدب عظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدّبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه.]([7]), وقد كانت عائشة – رضي الله عنها – تقول: [ كان خلقه القرآن ]([8])
المسألة الثانية قوله:
[أو أن حكم غيره أحسن من حكمه]
((أو)) للتنويع, أي يتساوى الحكم فيما قبلها وبعدها, ولا يلزم من ذلك الجمع بينهما حتى يستحق صاحبهما الحكم.
((حكم غيره)) والحكم هو القضاء, ويدخل في قوله ((غيره)): سواء حكم كاهن أو حبر أو زعيم قبيلة.
((أحسن من حكمه )) وأحسن صيغة تفضيل, وهي على الغالب, وإلا فمن ساوى بين حكمه وحكم غيره فحكمه حكم من فضل حكم غيره على حكمه.
وكل ذلك كفر وردة, وذلك أن حكمه تشريع ولا يقرُّه الله تعالى على خطأ كما هو مقرر في الأصول ودلت عليه الأدلة, وقد قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ }([9]), وقد وصف الله تعالى حكم نبيه – صلى الله عليه وسلم – والذي هو حكمه قائلا: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([10]), ومنه قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}([11]), ومثله قوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }([12]), فسواء من حسن أو جوز حكم غير الله أو قال حكم غير الله أحسن فكلاهما كافر مرتد, إجماعا.
ثم ضرب المصنف مثالا على ذلك فقال: ((كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه )): والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع, فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ]([13])
والكفر بالطاغوت: أحد ركني شهادة ألا إله إلا الله, نص على ذلك قوله تعالى: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}([14]), فمن لم يكفر بالطاغوت, وهو كل ما يعبد من دون الله – كما تقدم – فلم يحقق شهادة ألا إله إلا الله, فكيف بمن يجوز أو يفضل حكمه على حكم الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الأول لم يوحد الله ابتداء, فالثاني أشد منه كفرا وأكثر بعدا وضلالا لا محالة.
قال ابن كثير: [ أي: من خلع الأنداد والأوثان, وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله، ووحد الله فعبده وحده وشهد أن لا إله إلا هو { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي: فقد ثبت في أمره واستقام على الطريقة المثلى والصراط المستقيم.]([15]).
ومن أمثلة هؤلاء: الذين يفضلون الحكم العلماني أو ما يسمى بالديموقراطي, وكذا من يرى جوازه فكل هذا كفر وردة, ونعوذ بالله من الكفر وأهله.
ويقول المصنف في الواجبات المتحتمات: والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة :
الأول : الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله ، والدليل قوله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} .
الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله ، والدليل قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً} .
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، والدليل قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
الرابع: الذي يدّعي علم الغيب من دون الله ، والدليل قوله تعالى : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلُك من بين يديه ومن خلفه رصداً } ، وقال تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } .
الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة ، والدليل قوله تعالى: { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين }.([16])
وهنا مسألة: ما حكم من لم يحكم بما أنزل الله؟
وله حالتان:
o أن يحكم بغير ما أنزل الله في فرادى الأعمال وأحادها.
o أن يحكم بغير ما أنزل الله في أغلب أعماله.
الحالة الأولى:
أن يكون الحاكم المسلم أو القاضي, قائما على الناس بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وذلك أن يكون الكتاب الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع لا يسوي بينه وبين غيره ولا يشرك معه في الحاكمية غيره ولا يستسلم لغيره لا في كثير ولا في قليل, وألا يطلق قانونا واحدا مخالفا لظاهر القرآن, ثم يعتريه ظلم فيحكم بغير ما أنزل الله في قضية أو في بعض القضايا, فذلك كفر دون كفر أو كفر ينقل عن الملة, كأكل السحت, وفي معنى ذلك قوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }([17]) وعليه يحمل ما يروى عن ابن عباس – رضي الله عنهما – [ هو كفر دون كفر .. أو كفر لا ينقل عن الملة .. أو هو به كفر]([18]), وقال ابن مسعود: من يشفع شفاعة ليرد بها حقا أو يدفع بها [ظلما فأهدي له فقبل فهو سحت، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، فقال: الأخذ على الحكم كفر, قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([19]) ]([20])


والحالة الثانية:
ولها صورتان:
1- أن يدعي أنه: يجعل القرآن مصدرا وحيدا للتشريع ويخالفه في التطبيق فلا يرجع إليه البتة ولا يجعله حجة الحاكم – كالقاضي – ولا حجة المحكوم وذلك في أغلب الأحكام, أو أن يسن قانونا يخالف القرآن في حكم ظاهر معلوم من الدين بالضرورة, فإن ذلك هو الكفر الأكبر المخرج من الملة, يقول العلامة ابن قاسم: [ وهذا كثير، فمن الناس من يحكم بين الخصمين برأيه وهواه، ومنهم من يتبع في ذلك سلفه، ويحكم بما كانوا يحكمون به، ومنهم من يحكم بالقوانين اليونانية، وهذا كفر إذا استقر وغلب على من تصدى لذلك ممن يرجع الناس إليه إذا اختلفوا، وقد يلتحق بهذا بعض المقلدة لمن لم يسغ تقليده، فيعتمد على قول من قلده، ويدع ما دل عليه الكتاب والسنة.]([21])
2- أن يستبدل القوانين الوضعية بالقرآن وإليها – القوانين الوضعية – يرجع الحكم كله, فتكون حجة القاضي في الحكم وحجة الطالب في طلب حقوقه, وهو أولى بالكفر الأكبر من سابقه, وفي هذا كله نزل قوله تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([22]), ومنه قول ابن مسعود: [ من يشفع شفاعة ليرد بها حقا أو يدفع بها [ظلما فأهدي له فقبل فهو سحت، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، فقال: الأخذ على الحكم كفر, قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([23]) ]([24])


فائدة فيما ورد عن ابن عباس في الباب:
وردت بعض الروايات عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([25])
قال ابن عباس: « ليس بالكفر الذي يذهبون إليه إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) كفر دون كفر »([26]), وما روي عنه: (( ليس بالكفر الذي تذهبون إليه ))([27]), وحملها كثير من المتأخرين على مطلق الحكم وليس عندهم كفر في الحاكمية إلا إذا اصطحبه الاستحلال أو التفضيل, وهذا القول غاية في الفساد من وجهين:
- الأول: من حيث الاستدلال العام المخالف للكتاب والسنة والإجماع.
- الثاني: من حيث استدلالهم بأثر ابن عباس.
أما الوجه الأول: (( من حيث الاستدلال العام )):
فقد تقدم بيانه مختصرا: ونزيد قائلين: إن القول بكون الكفر المذكور في الآية هو كفر دون كفر حتى فيمن حكم بما أنزل الله بالكلية, قول باطل لوجوه:
1- أن الحكم من صفات الله – تعالى – فمن حكم من دون الله فقد نصب نفسه إلها من دون الله, وقد قال تعالى: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}([28])
2- أن الطاغوت: هو من تحاكم الناس إليه من دون الله, وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"يؤمنون بالجبت والطاغوت"، قال:"الجبت" السحر، و"الطاغوت"، الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم.([29]), وهو قول عمر بن الخطاب.
3- أن الله تعالى: نص على وجوب الكفر بالطاغوت وأنه لا يصح إسلام إلا به فقال: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}([30])
4- عموم قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([31]), ولم يقيدها قيد ولا يخصها مخصص, فكل من لم يحكم بما أنزل الله – تعالى – فهو كافر.
5- أن قوله: (( فأولئك هم الكافرون.. الظالمون .. الفاسقون)) كلها في الكفار لا فرق بين الأولى ولا الثانية ولا الثالثة, وقد نزلت في حادثة اليهود الذين قالوا: ائتوا محمدا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوا وإن أفتاكم بالرجم فأعرضوا .. ونزل قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله .. الآيات وقال ابن عمر:هي في الكفار كلها ))([32]), وكذلك قال البراء بن عازب([33]), وقد قال تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}([34])
6- أنه لو كان الحكم بالتكفير معلق بالاستحلال القلبي لما كان لقوله تعالى: (( فأولئك هم الكافرون )), معنى ولا حاجة, فمن المعلوم أن رد شيء من كتاب الله أو سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – سواء كان واجبا أو سنة هو كفر بذاته – كما تقدم -.
7- أن الله – تعالى- أنكر أن يجمع مؤمن بالله بين الإيمان به وبين التحاكم إلى غير الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فقال: {ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ }([35]), قال ابن كثير: [ هذا إنكار من الله، عز وجل، على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد التحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ]([36])
8- أن هذا القول مخالف لإجماع المسلمين ومن ذلك:
i. ما قاله ابن حزم: [وأما من أجاز أن يكون صاحب فمن دونه ينسخ أمرا أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أو يحدث شريعة، فهذا كافر مشرك حلال الدم والمال، بمنزلة اليهود والنصارى، وعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، ونحن برآء منه وهو برئ منا ]([37])
ii. ويقول شيخ الإسلام: [ متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء ]([38])
iii. وقال ابن كثير بعد أن عدد بعض نصوص الياسا([39])[ وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ]([40]), وأنا أقول: فكيف من تحاكم إلى القانون الوضعي الصهيوصليبي الشركي؟!


أما الثاني: من حيث استدلالهم بأثر ابن عباس.
والرد على ذلك من وجهين:
- أولا من حيث المتن: وذلك من وجوه:
o أن الكفر هنا عام وقول الصحابي لا يخصص العام ولا يقيد المطلق.
o أنه خالفه فيه غيره من علماء الصحابة: كابن مسعود وحذيفة – رضي الله عنهم جميعا -.([41])
o أنه يلزم القائل به أن يكون حكم الله على اليهود الذين نزلت فيهم الآية أنهم على كفر دون كفر.
o أن الكفر هنا معرف بالألف واللام: [ وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه و سلم ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة وبين كفر منكر في الإثبات وفرق أيضا بين معنى الاسم المطلق إذا قيل كافر أو مؤمن وبين المعنى المطلق للاسم في جميع موارده ]([42])
o أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند عامة العلماء([43]), ولا اعتبار بالسبب إلا من حيث المشابهة في الصفة فيتشابهان في الحكم.
o أن الأولى من ذلك: حمله على أحادي الأحكام والأقضية, وأنه لا يتصور أن يصدر من مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر حكم من دون الله إلا على وجه الشهوة أو الجهل في القضية والقضيتين كما تقدم, ويستأنس في ذلك بما روي عنه – رضي الله عنهما – أنه قال: [من جحد الحكم بما أنزل الله فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق . يقول : من جحد من حدود الله شيئا فقد كفر]([44]), والشاهد ليس في تخصيصها بالجحود بل قوله: (( من جحد من حدود الله شيئا )) فدل ذلك على أن محل كلامه هو على شيء من حدود الله لا مطلق الأوامر والنواهي, وأظهر من ذلك ما قاله الترمذي في حديث: [ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ], قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ومعنى هذا الحديث قتاله كفر ليس به كفرا مثل الارتداد عن الإسلام والحجة في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: [من قتل متعمدا فأولياء المقتول بالخيار إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا ] ولو كان القتل كفرا لوجب] وقد روي عن ابن عباس و طاووس و عطاء وغير واحد من أهل العلم قالوا كفر دون كفر وفسوق دون فسوق ]([45])
- ومن حيث السند:
o فإن السند القائم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – من طريق هشام بن حجير وهو ضعيف جدا كما قال ابن معين, وقال على ابن المديني : قرأت على يحيى بن سعيد : حدثنا ابن جريج عن هشام بن حجير ، فقال يحيى بن سعيد : خليق أن أدعه . قلت : أضرب على حديثه ؟ قال : نعم . قلت : فى ماذا ؟ قال : فيما يضرب فيه أهل مكة . و قال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود قال : هشام بن حجير ضرب الحد بمكة ([46]),وقال العقيلي : قال ابن عيينة : لم نأخذ منه إلا ما لا نجد عند غيره . اهـ . ([47])
o وأما الرواية الأخرى, فإنما هي من طريق علي بن أبي طلحة عنه وهو ضعيف كما ذكره المحققون, قال شيخ الإسلام في رده على البكري: [ و تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أحمد علي بن أبي طلحة ضعيف ولم يسمع من ابن عباس شيئا وتفسير يرويه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس والكلبي كذاب و باذام ضعيف ولم يسمع من ابن عباس شيئا, قال عبد الصمد بن الفضل سئل أحمد عن تفسير الكلبي فقال كذب فقيل له أفيحل النظر فيه ؟ قال لا ]([48])
o أن هذا من قول طاوس نفسه وإدراجه أو قول عطاء وأن لفظ ابن عباس هو فقط (( هي كبيرة )): قال معمر: عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : سئل ابن عباس في قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال : هي كبيرة, قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله . وروي عن عطاء أنه قال : كفر دون كفر))
o أنه قد روى عنه خلاف ذلك: منه ما رواه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لم يكن في بني إسرائيل شيء إلا كائن فيكم ]([49])
o ويدفع عنا هذا الاعتراض ما جاء عن همام بن الحارث ويبين معنى قول ابن عباس يقول: [ همام بن الحارث: كنا عند حذيفة فذكروا [ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] فقال رجل من القوم إنما هذا في بني إسرائيل فقال حذيفة نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لكم الحلو ولهم المر كلا والذي نفسي بيده حتى تحذي السنة بالسنة حذو القذة بالقذة ]([50]), والله تعالى أعلم.


([1]) أخرجه أحمد (3/310 ، رقم 14373) ، ومسلم (2/592 ، رقم 867) ، والنسائي (3/188 ، رقم 1578) ، وابن ماجه (1/17 ، رقم 45) .
([2])[الشورى: 52]
([3])تفسير ابن كثير (7/ 217)
([4])[النجم: 2 - 4]
([5])تفسير البغوي (7/ 400)
([6])[القلم: 4]
([7])تفسير الطبري (23/ 528)
([8]) صححه الألباني وعزاه لأحمد ومسلم في صحيح وضعيف الجامع الصغير (8942).
([9])[المائدة: 49]
([10])[المائدة: 50]
([11])[النساء: 105]
([12])[المائدة: 42]
([13])إعلام الموقعين (1/ 50)
([14])[البقرة: 256]
([15])تفسير ابن كثير (1/ 683)
([16])[الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة (ص: 9)
([17])[المائدة: 42]
([18]) سيأتي تخريجه قريبا بإذن الله.
([19])[المائدة: 44]
([20])تفسير البغوي (3/ 58)
([21])حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم (48/ 3)
([22])[المائدة: 44]
([23])[المائدة: 44]
([24])تفسير البغوي (3/ 58)
([25])[المائدة: 44]
([26]) رواه الحاكم في المستدرك برقم (3176),
([27]) تفسير ابن أبي حاتم (6468).
([28])[يوسف: 40]
([29])تفسير الطبري (8/ 462)
([30])[البقرة: 256]
([31])[المائدة: 44]
([32]) رواه النسائي في السنن الكبرى برقم (7218).
([33]) رواه مسلم برقم (4536).
([34])[البقرة: 254]
([35])[النساء: 60]
([36])تفسير ابن كثير (2/ 346)
([37]) الإحكام في أصول الأحكام: (5/705).
([38])مجموع الفتاوى (3/ 267)
([39]) والياسا أو الياسق أو الياساق: هو الدستور الذي حكم به التتر وكان يقتبس ناظمه من القرآن والإنجيل والبقية من اجتهاداته, فما بالنا بالقوانين الوضعية الصهيوصليبية التي يدين الناس بها الآن؟
([40])البداية والنهاية (13/ 119)
([41]) سيأتي قول حذيفة قريبا – بإذن الله -.
([42])اقتضاء الصراط (ص: 70)
([43]) الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام (4/158).
([44]) تفسير ابن أبي حاتم برقم: (6460).
([45])سنن الترمذي (5/ 21)
([46]) التهذيب للمزي: برقم (6571).
([47]) تهذيب التهذيب للحافظ (11/33)
([48]) الرد على البكري (1/75).
([49])السنة للمروزي (ص: 25)
([50])السنة للمروزي (ص: 25)

معنى الطاغوت في القرآن: كمثال توضيحي لتفسير القرآن بالقرآن.

تبيين وتوضيح لمعنى الطاغوت مع تحرير الشاهد له: ( تحرير مختصر )
الأصل في هذا الباب أربع آيات:
قوله تعالى: ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى )
قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
قوله تعالى: ( لم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ))
قوله تعالى: ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )) الآيات.

وهناك آيات كثر في هذا الباب لكن هذه الأربع هي العمدة والأكثر استعمالات للتدليل على ماهية الطاغوت وسنأخذ مثالا واحدا يفهم منه بقية الآيات وهو قوله تعالى: (( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )) الآيات.
بعض الإخوة يظن أن الشاهد في هذه الآية أنها نزلت في رجل يزعم الإسلام, ولذلك يتحرج إذا قيل له إنه منافق فيبطل استدلاله حينها فيذهب إلى القول بأنها نزلت في رجل من أهل بدر.
فجماهير المفاسرين وعلى رأسهم شيخ المفسرين الطبري: أن الذي نزلت فيه الآية هو أحد المنافقين وهو قول مجاهد والشعبي وسليمان ( أبي المعتمر ) وقتادة والسدي, وذكرها البغوي عن ابن عباس), وقيل إنه من أصل يهودي, فأراد أن يتحاكم إلى كعب بن الأشرف وبعضهم لم يبين.
ـــــــــــــــ
فالشاهد : ليس في من نزلت فيه لعدة أمور:
أن الآية لم تنزل لكونه منافقا أو مسلما بل لكونه تحاكم إلى الطاغوت, فقد كان حكمه عند الله النفاق ولا يزال الوحي ينزل, ولم ينزل فيه شيء لمجرد نفاقه إلا شيئا عاما في سائر المنافقين, لكن لما أظهر الكفر وهو التحاكم إلى غير الله تعالى, أنزل فيه ذلك.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وفيه أربع شواهد:

فالشاهد ( وهو الأول ) هو التحاكم ذاته.
ويدل على ذلك قوله تعالى في اليهود: ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت )) فهنا أهل الكتاب كفار أصليون لكنه أنكر عليهم هنا تحاكمهم إلى كعب بن الأشرف وتركهم حكم الله في كتابهم – على تحريفه – ( وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك ) وهو من باب التقريع لليهود, وقد نزلت في الرجم - فكان موجودا حينها -.( على أحد القولين زاد المسير لابن الجوزي )
وأدل شيء على ذلك قوله تعالى: ( وقد أمروا أن يكفروا به ) فصح أن التحاكم إلى الطاغوت إيمان به حتى لو لم يسجد له.
بل في رواية أنه أراد التحاكم إلى عمر بعد أن تحاكم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتله وقال هذا حكم الله فيمن لم يرض بقضاء الله. ( ذكرها البغوي في معالم التنزيل ) ( أشك في صحتها ) لأن الطاغوت لا تطلق إلا على من رضي أن يتحاكم الناس إليه.
وقد يقال: إن التحاكم إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم في ذات الأمر تحاكم إلى طاغوت ( وهو الشيطان ) بغض النظر عن رضى المتحاكم إليه فصار الحكم مستقل عن المتحاكم فصح الحكم على المحكوم ونجا منه المحكوم إليه, وقد تكون حادثة عمر حادثة أخرى وهو أولى خاصة مع قول الجماهير في كون المتحاكم إليه هو كعب ابن الأشرف أو رجل من اليهود غير مسمى, أو هو أبو برزة الأسلمي – رواية عن ابن عباس- ).

والشاهد الثاني: قوله تعالى بعد الآية: (( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ))
فالمنافقون هنا: هم أصحاب النفاق الأكبر فأصبح من النفاق الأكبر الإعراض عن حكم الله تعالى وليس محاربته بل هذا فقط لا يريد التحاكم وهناك فرق عظيم بين محاربة الشرع وبين عدم التحاكم إليه.

والشاهد الثالث: في معنى الطاغوت:
فالطاغوت: هو بمعنى واحد وإن تعددت التعاريف فيه فبعض الإخوة يظنون أن المسألة خلافية خلاف تضاد - أعني تعاريفه -: بل هذا خلاف تنوع وقد بينه شيخ الإسلام ( أظن في مقدمة في أصول التفسير ) وهو أن تفسر الآية إما أن يتناول المفسر وجها من وجوه تفسيرها, ومنهم من يفسرها بما نزلت فيه ومنهم من يفسرها على سبيل العموم, ومن أمثلته ما وقع في قوله تعالى ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) فقد فسرها بعضهم بالأمر بالمعروف وبعضهم بـ ( لا إله إلا الله ) وبعضهم بــ ( الإسلام ) وكل هذا بمعنى واحد, ومن أمثلته قوله - صلى الله عليه وسلم - ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة ), فيقال: الصلاة عماد الدين ولا يقيمها بحيث يعاقب عليها إلا من أقام الشريعة ( في الجملة ) وبعضهم قال: بل هذا من باب وصف الشيء بأخص خصائصه والمقصود هو إقام الشريعة – في الجملة - وإن ظلموا.
فالمعنى العام للطاغوت: هو كل ما يعبد من دون الله وهذا قول مالك واختاره الطبري وقال به من المتأخرين ابن القيم وأوضحه سواء كان جنا أو إنسا أو صنما. وهذا المعنى العام يؤيده قوله تعالى: ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله )
وهناك في البخاري: قول عمر: إنه الشيطان, وقال عكرمة: هو الكاهن.
لكن لما جاء التفسير مخصوصا بالآية هنا:
قال مجاهد: هو شيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو يتولى أمرهم.
وقال: ابن عباس ومجاهد في رواية أخرى وسعيد بن جبير: هو كعب بن الأشرف.
فهنا ليس خلافا بل لما كان الانفراد بالحكم من أخص خصائص الألوهية _ بل لا يعبد إلا بالتحاكم إليه _ قال مجاهد هو من يتحاكم إليه الناس وهو يتولى أمرهم, فمن تحاكم فقد عَبَد ومن يُعبد فهو طاغوت.
وابن عباس ومجاهد وسعيد فسروها بالحادثة فقال الطاغوت هنا أي على المعنى المعروف عندكم هو كعب بن الأشرف, .وفي رواية أخرى لابن عباس: إنه أبو برزة الأسلمي ( رواها الطبراني في معجمه الكبير )
ويستفاد من ذلك: أنه ليس كل كافر طاغوت بل قد يكون كافرا بل كل طاغوت كافر بالله وهو أشد كفرا من غيره, كفرعون, والنمروذ, وكعب بن الأشرف, وأمثالهما.
وقول: عمر إنه الشيطان وقول عكرمة: فله سابقة يوضحه قول جابر إن الشياطين كانت تنزل على الكهان في كل حي وكان الناس يتحاكمون إلى الكهان. ( البخاري معلقا ),
ففسرها عمر بأصل من يتحاكم إليه الناس في الحقيقة وهم الشياطين, وفسرها عكرمة بمن يظهر للناس أنه الحاكم وهو حاكم مطبق مغير وفي هذا دليل على عدم التفرق بين من يكتب قانونا بيده ( مغايرا لشريعة الرحمن ) أو من يطبقه فقط فهما في الحكم سواء.

الشاهد الرابع: في قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}, فبعد الآية ذكر الله تعالى هذا الأصل أو هذه القاعدة التي هي أصل الإيمان وهو التحاكم لله تعالى وحده بتوحيد الاتباع بالرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) في حياته أو إلى سنته بعد مماته.
ـــــــــــــــ
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

التشريك في النية

تقول السائلة:
السلام عليكم ورحمة الله شيخ عندي سؤال بارك الله فيكم بالنسبة للنية في الفرائض هل يجوز التشريك فيها بين ان تكون لله ولنية اخرى مباحة..مثلا شخص عندما صلى صلاة الظهر نواها لله تعالى وللصحة البدنية هل هذا ينافي الاخلاص ويعتبر شرك وتحبط صلاته او مثلا شخص يصوم رمضان وفي نيته انها لله وللحمية؟؟ وجزاكم الله خيرا
______ الجواب_____
عليكم السلام ورحمة الله.
المسألة الأولى: التشريك في النية: من جواب سابق: هل يقبل العمل الصالح إذا كان معه مكافئة؟ ** والعمدة في هذا الباب كله قوله - صلى الله عليه وسلم - [إنما الأعمال بالنيات] وفي رواية [إنما الأعمال بالنية] وهي الأكثر خصوصية بالباب. وفيه حديث [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج] فجمع بين نية غض البصر وتحصين الفرج. فنقول: * إذا كانت النية في باب العبادات التي الأصل فيها التوقيف والحظر: فتكون على جهتين: - لا يجوز الجمع بين فريضتين بالنية. فكل فريضة يجب فعلها على هيئتها تامة, فلا يصح الجمع بين صيام رمضان وصيام النذر. ولا يصح الجمع بين صلاة الظهر الفائتة لعذر وصلاة العصر. فكل فريضة لابد فيها من [كيف] قائم بذاته, ومن نية قائمة بذاتها [مستقلة]. وهذا في سائر العبادات. - الجمع بين نافلتين, وهذه الجهة فيها حالتان: o أن يكون بين مطلقين أو مطلق وقائم بذاته. فيجوز الجمع بينهما بالنيات, والعبادة القائمة بذاتها: هي المقصودة بذاتها [محددة الوقت لها فضل خاص بها] ومطلقة: أي ليست مطلوبة بذاتها مع استحبابها. فعلى سبيل المثال: سنة الظهر, محددة الوقت [بعد الأذان وقبيل الإقامة] , بينما سنة تحية المسجد: المراد بها إشغال المسجد بصلاة وإشغال المسجد يحصل بركعتين سواء سنة الظهر أو ركعتين لها. فإذا جمع بين الصلاتين فهو فيجمع له أجرهما. ومثال المطلقين: تحية المسجد وركعتي الاستخارة. فيجوز الجمع حال المطلقين أو ما كان قائما بذاته ومطلق. وكذلك في الصيام: كالجمع بين صيام يوم الاثنين وعاشوراء, أو الخميس إذا وافق يوم عرفة. o أن يكون بين عبادتين كل واحدة منها قائمة بذاتها. كصلاة سنة الظهر قضاء مع سنة العصر, فكل صلاة منها قائمة بذاتها من حيث الفضل والوقت. * أما في باب المعاملات والتي الأصل فيها الإباحة: وهي تلك الأعمال التي لا تدخل ضمن العبادات إلا من جهة النية كطاعة الوالدين وإتقان العمل والنوم مبكرا والتريض وما شابه, فهذه الأعمال جمع النيات فيها مستحب والأجر منوط بالنية فيها فكلما تعددت النيات كان أفضل. [وفي بضع أحدكم صدقة] وحديث [حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته] وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - [إنما الأعمال بالنيات]. وفي رواية [إنما الأعمال بالنية].
** المسألة الثانية: المكافئة على العمل مع النية الصالحة, هل يحرم صاحبه الأجر؟ وتلك أشبه بالمعضلة لشدة تفريعاتها ووجوه الخلاف فيها بين أهل العلم. الجواب حسب الحالة المعنية: - فإن كان في واجب: فلا يجوز قبول عطية عليه إلا إذا كان مشروعا له فيه كجهاد مع غنيمة وفيء والعاملين على الزكاة وما شابه. - وإن كان في مستحب: o ففيها قولان: قيل لا يحصل له الأجر. وقيل يحصل له الأجر. ويظهر هذا في خلاف العلماء في [هل يجوز أخذ الأجرة على قراءة القرآن]؟ وحكم أخذ الأجر على الأذان. وفيه أقوال ثلاثة. o سب المنع لأخذ الأجرة على القربة [أي العبادات] لكونها قربة والقربة إنما يتقرب بها إلى الله. والأجر أخروي محض. o بعضهم فرق بين الأخذ على القربى والأخذ للحاجة ومنهم من رخص لمن أعطي من قبل الإمام. وبعضهم فرق بين ما يجوز النيابة فيه كتعليم القرآن وما لا يجوز النيابة فيه كالصلاة. - وفي المعاملات: قد يتفرع فيه الخلاف السابق, على اعتبار أن الأجر منوط بالنية فيه فإذا كوفئ عليها لم يستحق الأجر. إلا على الوجوه السابقة. وهنا ينبغي التنبيه: *على أن بعض العلماء فرقوا بين العطية التي تعطى من دون اتفاق على سبيل الهدية لا على سبيل الاشتراط وبين الهدية التي على سبيل المكافئة دونما اشتراط ضمني أو تصريحي. * أن الرياء إذا طرأ على المرء بعد العمل فلا يفسده. * السرور الذي يدخل على العامل بعد انتهاء الطاعة لا يدخل ضمن الرياء بل وإن كان أثنائه. [وفيه من سرته حسنته وأساءته سيئته فهو المؤمن]. * أن مدح الناس لا يفسد العمل بل قد تدخل في بشرى المؤمن كما في قوله تعالى: [لهم البشرى في الحياة الدنيا] قال [هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له] وسئل النبي صلى الله عليه وسلم [الرجل يعمل العمل لنفسه فيحمده الناس عليه: فقال تلك عاجل بشرى المؤمن]. * أن كل نفع دنيوي ينقص الأجر الأخروي. وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - [ما من غازية أو سرية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا الغنيمة تم لهم أجرهم]. عند مسلم. فإذا أنزلنا السؤال على هذه القواعد: فالنية هنا خاصة بالمعاملات والنية المذكورة صحيحة معتبرة نسأل الله لصاحبها القبول. وأما أخذ العطية أو المكافئة: لم يكن شرطا فيها ولا عملا لأجلها, بل كانت بعد العمل وأما من جهة العاطي فإنما جعلها تشجيعا وإكراما لصاحب العمل, فلا يسقط الأجر إن شاء الله. ويبقى: هل ينقص الأجر لحصول المنفعة الدنيوية. فالذي يظهر لي أنه تنقصه. وما جاء في مدح الناس والرؤى الصالحة فإنما لا عمل لصاحب العمل ولا طلب ولا قدرة على منعه من قبل الناس, وينبغي متى استطاع ذلك أن ينهاهم, فإن استطاع ألا يأخذها فهو خير له. مع جوازها لكونه آبا عليه النفقة, لكن الأمر جاء خاصا لهذا العمل فينقص الأجر. وقد يقال: إن رد المال على الوالد ربما يحزنه أو يؤذيه فنقول: لا بأس أن يقال له: يا أبي فعلته إرضاء لله تعالى ثم لك وأريد الأجر على أرضاء الله فيك, وإن كان ذلك شديدا عليه ولا يحقق المطلوب, فلا بأس أن يؤخذ ويتصدق به أو يشترى به شيء للوالد أو الوالدة فيجمع بين الخيرين. ـــــــــــــــ والله أعلم.

ما رأيك في صدام حسين ؟

رأيك بصدام حسين؟ كان حاكما شجاعا طاغوتا، قتل من الموحدين واعتقل من المجاهدين ما الله به عليم، ثم لما رأى من الشيعة ما رأى انقلب عليهم، فاستفاد عوام السنة، فلما خرج على أمريكا وفضح خلانه من طواغيت العرب نقموا عليه، خصوصا مبارك، وأصابه الغرور فطمع في إيران فظلت الحرب ثمان سنين (حرب الخليج الأولى1988:1980)، وقيل إنه طلب الهدنة من الخميني فأبى الخميني إلا الصراع نكاية فيه، والحقيقة قد يكون معذورا بطمعه خصوصا أن الثورة الإيرانية الشيعية (1979) كانت تنادي بالثورة الكاملة في كل موطن فيه الشيعة ومعلوم حجم الشيعة بالعراق، ومع ذلك لم يهدأ حتى قام باحتلال الكويت (حرب الخليج الثانية 1990)، وظل محتلا لها قرابة الستة أشهر، وأحدث قلقا لسائر الدول العربية خصوصا الخليجية وذكر القذافي أنه سب مبارك لهذا أعان أمريكا وهذا كذب أو حمق إلا في سبه فلا يملك إلا الطاعة!، وفي هذه الأثناء استغلت أمريكا هذه الحرب الأمريكية بأموال عربية لتكون هي الرابح الأكبر بل الوحيد باحتلال أمريكي علني عسكري حتى تحولت الدول العربية إلى قاعدة أمريكية تقرب الهدف الأمريكي الاستراتيجي، - وفي هذا الآونة كانت قد بدأت أعلام الجهاد الإسلامي ترتفع، فلم تكن أمريكا وحلفاؤها لتستهين بهذه القوى التي أرغمت روسيا حتى وإن استفادت من بطولاتهم، بل هي التي حرضت عملائها من حكام العرب على السماح للخطباء بالجهاد ضد الروس نصرة للإسلام بل خصص لهم عربات تنقلهم للمطارات ونودي له علنا والتي مهد لها بتصريحات قوية تدين التدخل السوفيتي في شئون أفغانستان، وكان الجهاد الإسلامي الرسمي هذا مفيدا من جهتين الأولى أنه بمثابة حصر تقريبي للأصوليين الذين يمثلوا خطرا على الأهداف الأمريكية التوسعية وترجموا هذا في قضية باتت تعرف في مصر بقضية العائدين من أفغانستان، الثانية استفادتها في كسر شوكة العدو الظاهر الوحيد (الاتحاد السوفيتي) والذي ترجم في انسحابالسوفييت من أفغانستان بعد حرب دام عشر سنين عام 1988، ثم أعقبه سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 والذي أنشيئ عام 1922، ومع هذا كله فالله تعالى أسرع مكرا فقد كان هذا الجهاد جهادا مباركا أخرج اللبنة الطيبة الحقيقية للمسلمين من بين فرث ودم، وعلى إثره نشأت (قاعدة الجهاد 1988) وتتابعت البيعات وتكاتفت الجهود وبث الأمل في الأمة - نعود فنقول وصارت إيران الحليف المعادي لأمريكا هي الرصاصة التي تهدد بها الحكومات ليتسارعوا في إظهار الولاء أيهم أسرع ولاء لها ومكرا بالمسلمين، وإلا فهم طوع أمرهم لكن لابد للحمار من لجام، ومن هنا رأى الشيخ أسامة بن لادن ضرورة الإسراع بكسر أنف هذا الطاغوت الذي صار يملك القوة والمال والسلطان ويعيث في الأرض فسادا بغير رادع حتى يئس المسلمون وظنوا أنها لا تهزم أبدا وفقه الشيخ أنها رأس الأفعى وأنها تلعب بالأمة وكشف مخططها، فقام بغزوته المباركة (نيو يورك وواشنطن 2001) فضربها في عقر دارها، فرغمت أنفها كيف نضرب ونحن نلعب بالعالم لعبا؟ نحن الذين أفسحوا لها الطريق هل أخرجناهم ليفعلوا بنا ما أردناه بغيرنا؟ لقد أنفقنا مالا كثيرا للحروب الباردة وللحروب بالوكالة ظننا أنه جاء وقت الحصاد! .. ثلة كهؤلاء يفعلون بنا مالم تفعله جيوش كاملة؟!
، لكنها كانت ستجني كثيرا وراء العراق، إنها ورقة رابحة تمتلك بها إيران والخليج عسكريا واقتصاديا وأنادى بين الناس براعية السلام!
لابد من تدمير معقل الأصوليين التي آوتهم، وليكن بعدها العراق!
لكني سأخسر كثيرا وكثيرا جدا، وربما يستغل الأعداء انشغالي بهم، هؤلاء ليس لديهم ما يخسرون، نعم لابد أن أشاركهم الحرب ولتكن حربا عالمية على الإرهاب.
كان هذا لسان حال الكلب العقور تغيرت خططها وصارت أحوج ما تكون لإعادة كرامتها، ولأجل هذا اضطربت أوراقها وانتكست خططها، حتى قال بوش إنها حربا صليبية على الإسلام، ثم عدلت بالإرهاب، وفي خطاب آخر من ليس معنا فهو ضدنا!
ثم كان ما كان من الحرب على أفغانستان (2001)، وطمعا في إعادة كرامتهم، طلبوا من الملا عمر أن يسلم لهم الشيخ أسامة مقابل خروجهم أو وقف القتال لا أذكر تحديدا، وهو مقابل مغري جدا ومحرج جدا رفضه، فكان رد الملا حفظه الله (لا والله ما نسلم من استجار بنا) أو كلاما قريبا من هذا، فكان هذا جميل في عنق الشيخ خصوصا والأمة الموحدة عموما، فما كانت أمريكا لتخرج إلا لعجزها وما كان له شرعا أن يفعل وكانت الأمم ستعيرنا بمثل هذا ولماتت الثقة بين الإخوان، وقد أرهقت الحرب الدول المشاركة شيئا فشيئا فخرجت واحدة تلو الأخرى، ولم تكن أمريكا نريد سوى تسجيل ضرباتها الأولى لتشاركها في محنتها، وتضمن ولائهم وعدم غدرهم كما الحال في العراق فيما بعد تماما.
حتى جاءت حرب العراق (2003) والتي دخلتها بصورة أليق خشية أن ينالها غدر ممن يريد صدارة العالم دونها سواء من الحلفاء أو من أسقطتهم.
وكانت العراق مرحلة أخطر مما كان يتصوره المحللون، فالحقيقة لم تكن أمريكا هي البطلة الشريرة بقدر وضاعة ووقاحة وتأثير المحللين والمخذلين وعلماء السلاطين، فقد كادت أن تكون العراق قاطرة تجر وراءها حافلات الجهاد في العالم كله، خصوصا في منتصف الغزوة فقد أرهقت أمريكا واضطربت حتى من الداخل .... والكلام ذو شجون. 
ــــــــ
والله أعلم.

هل الهجرة واجبة في حق كل مسلم و مسلمة اليوم ؟ و إلى أي بلد بالضبط ؟ أم علينا انتظار قيام دولة إسلامية.. و ما حكم من لم يهاجر؟

سأل سائل:
هل الهجرة واجبة في حق كل مسلم و مسلمة اليوم ؟ و إلى أي بلد بالضبط ؟ أم علينا انتظار قيام دولة إسلامية.. و ما حكم من لم يهاجر؟
والجواب:
الحمد لله وحده:
1- الأصل ألا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وفيه حديث في البخاري.
2- لا جهاد واجب - إلا الحج والعمرة في معتمد الحنابلة أو الحج فقط وهو قول الجمهور - على المسلمة إلا في حالة واحدة وهي أن يعتدى عليها كما يفعل الصائلون المرتدون [البلطجية] الآن في أعراض أخواتنا في ظل وجود أشباه الرجال أمثالنا [نسأل الله التوبة]. وقال ابن قدامة في العمدة: ويتعين على من حضر الصف أو حصر العدو بلده ولا يجب إلا على ذكر حر بالغ عاقل مستطيع ] وينظر تلك الإجابة:http://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/104645331069
3- الأصل في جهاد الدفع - اتفاقا - أن يجاهد المرء المعتدي متى اعتدى صائل ولا ينتقل عنها إلا لضرورة , كأن يغلب على بلدته البدعة أو الشرك ولا أمر بمعروف يقام ولا قدرة له [وعليه الجماهير] ذكره النووي في شرح مسلم.
4- المعروف عند أهل العلم أنه متى عجز الناس عن الجهاد وجبت عليهم العدة كما ذكر شيخ الإسلام فمتى عجزوا عنه وجبت عليهم العدة وإلا صاروا كاذبين مدعين لقوله تعالى: [ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة].
5- غير ما سبق يكون على وجه الحاجة والضرورة: وينظر فيه للحال والواقع فإذا نظرنا أقرب بلدة يجاهد فيها العدو – خلافا للصائلين في مصر على سبيل المثال – فهي فلسطين فإن تعذر فالتي بعدها فإن لم يكن فالأقرب لها وهكذا.
6- الفرض الكفائي يشترط فيه توافر من يحصل بهم الكفاية وهذا في نوعين: جهاد الطلب وجهاد الدفع إذا كانت في بلدة مجاورة والتعيين يحصل في حالة صولة عدو للبلدة أو لم تحصل الكفاية للبلدة المتاخمة [المجاورة]. وكل هذا لم يحصل ولذلك تعين الجهاد في سائر البلدان.
7- الهجرة لا تلازم دائم بين الهجرة والجهاد [وإن تلازما في وجوه] فقد يهاجر المرء هجرة للمكفرات والشركيات والبدع والمفسقات, وعلى ذلك قد يجب على المرأة فعله حتى وإن لم يجب عليها الجهاد.
8- بلدان المسلمين قد علاها الكفر وامتهن فيها أهل التوحيد وضن فيها الجهاد وتعذر فيها إقامة الشعائر, فالواجب الهجرة [وهذا من حيث الإجمال] متى توفرت بلدة خير منها.
9- سائر التكليفات [المأمورات] مبنية على القدرة وثمة أعمال تختلف القدرة فيها فقدرة الجهاد حاليا تزيد عن قدرة الحج, وقدرة الصلاة لا يلزم فيها الاستطاعة التي يجب بها الحج, وهكذا.
10- أجمل ما سبق ثم خلاصة الجواب: الجهاد متعين على كل مسلم قادر [والقدرة = المال الكافي للسفر والعيش متى احتاج ذلك – القدرة على الخروج من بلدته – أن يأمن على أهله ولو بالقليل إلا أن يأخذها معه ويجوز التوكل كما فعل إبراهيم عليه السلام – السير الآمن بغلبة الظن فلا يجوز أن يسلم نفسه للطواغيت فيفتنونه في دينه والتوكل مشروع لكن مع الأسباب] ولا يجب الجهاد على المسلمة إلا حال الاعتداء عليها متى استطاعت, أما الهجرة فيشترط فيها المحرم فإن لم يكن فالرفقة الآمنة – فلا نسلمها بأيدينا لأيد الطواغيت والتي هي من أعظم أسباب الجهاد أن يفك أسرها! - ويشترط توافر البلدة التي يقام فيها الشرع أو أقل جرما من تلك التي يعلوها الكفر, والقدرة هذه تختلف من امرئ لآخر ولا تترك للهوى والشهوة وإنما بالبحث والنظر والتوثق من الأخبار والمخبر بها خاصة إذا كان فيها نساء, ولابد من معرفة الفصيل الذي يذهب إليه المرء فربما يخالفونك في بعض ما تعتقد خاصة في باب الإعذار وما شابه من المسائل حتى لا تصطدم أو تكون سببا في شجار, مع التنبيه أيضا أن الأولى أن ينضم لأقرب مجاهدين له إلا لضرورة أو منفعة أكبر وكل هذا استقراء. وباستقرائي الضعيف الشام أولى لفضلها ولبعواعث الخير من قيام جبهة ودولة متى توفرت الأسباب على نحو ما سبق. والله تعالى أعلم.

ما حكم من لم يكفر الكافر هل يكفر ام ما حكمه؟؟؟

سألت إحدى الفاضلات سؤالا: ونصه [مع اختصار]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
لي سؤال (ما حكم من لم يكفر الكافر هل يكفر ام ما حكمه؟؟؟) سأوضح بضرب مثال ........ علي سبيل المثال أنا أعلم أن فلان وقع في الكفر (والعياذ بالله) وأنا بدوري أكفره ولكن غيري لم يكفره ما حكم الاخر الذي لم يكفره ؟؟ هذا ما أردت السؤال عنه نسأل الله أن يكون قد بلغكم ما أريده
أفيدني أفادك الله
والسلام عليكم ورحمة الله
ــــــــــــــــــ
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وبعد :
فإن الإجابة أذكرها - بإذنه تعالى - على اختصار وإجمال لكون المسألة لها تفريعات لا يصلح المقام موضعا لها, بل أخشى لو تعرضت لبعضها أن يظن البعض أني أتهم الناس بالخروج أو الاعتزال أو أنه أشعري وذلك أن تلك المسألة لها تعلق بتلك الفرق خاصة [المعتزلة], وبالتالي سأقتصر على ذكر الأقوال وما ينبغي اعتباره في فهم تلك المسألة وعلى ماذا تستند. كما أن تلكم الفتوى ليست محلا للرد ولا تفنيدا لأقوالهم بل أقول لو انتفض أحد المحققين للجواب عن ذلك في مجلد كبير لما كان ذلك عظيما على مكانة السؤال ومداخله, ولولا أن الأخت الفاضلة سألته وأني أتأثم لكتمانه لما بادرت بالرد خشية زيادة لهيب التفرقة والشتات الحادث بين الإخوة في تلك المسألة وقد تعمدت السكوت عنها كثيرا.
كما أنه لابد من التنبيه على أنه لا يمكن المناقشة في تلك المسألة قبل الاتفاق على مسائل:
1- طرق العلم. [هل يدرك الحق بالعقل والنقل أم بالأول فقط أم بالثاني فقط أم يدرك بكليهما ولا تقام الحجة إلا بالثاني؟ ] وهم ثلاثة أقوال قول للمعتزلة وقول للأشاعرة وقول للسنة.
2- حقيقة المعرفة التي أوجبها الله تعالى على عباده. قولان واحدها للمعتزلة والأشاعرة والثاني للسنة.
3- الإعذار في الكفر. [وضابطه]: وفيه ثلاثة أقوال, العذر مطلقا - ترك العذر مطلقا - التفصيل. قول للمعتزلة وقول للسلف وقول للمتأخرين من المنتسبين للسنة.
4- حد الكفر: وفيه اقوال: قول بقصره على عدم المعرفة وهو قول الجهمية والأشاعرة, وقيل ترك القول وهو قول الكرامية, واتفق الخوارج والمعتزلة والسنة على أن الكفر يكون بالقول أو العمل أو الاعتقاد أو الترك ثم اختلفوا في الأسماء والأحكام المتعلقة بهذا الباب. فالسنة يقسمون الإيمان إلى ثلاثة مراتب فمن حقق الركن [من قول القلب وقول اللسان وعمل الجوارح وعمل القلب] كان مسلما, بينما أخرجته الخوارج والمعتزلة عن الإسلام لمجرد ترك واجب أو فعل معصية [على خلاف في الكبيرة والصغيرة] إلا أن الخوارج سمته كافرا بينما المعتزلة قالت: هو في منزلة بين المنزلتين, ثم اتفقت مع الخوارج في حكمه في الآخرة.
5- علاقة الحكم باللازم, فيقال: هل لازم القول قول؟. وفيه قولان قول للمعتزلة وقول للسنة. وإن وقع فيه خلاف فقهي إلا أن السنة متفقة في حكمه عند التكفير.
وهذه المسائل كلها متشابكة بينهما عموم وخصوص.
فأقول: - مستعينا بالله -: الناس في هذا المقام على ثلاثة أقوال [في الجملة]:
الأول: يقول إن من لم يكفر الكافر فهو كافر مطلقا. وهؤلاء قسمان:
- القسم الأول: جعلوا تكفير الكافر هو التوحيد وأنه لا يصح إسلام من دون تكفير الكفار فرادى وجماعات [سواء كفره أصليا أم عارضا ]. وأوجبوا أن يجاهر المرء بتكفيره للكافر, وهؤلاء انقسموا على قسمين:
o قسم يرى التسلسل في التكفير وأن من لم يكفر الكافر فهو كافر ومن شك في كفر الشاك فهو كافر ومن شك في الشاك فهو كافر.
o وقسم اقتصر على تكفير من لم يكفر الكافر, وبعضهم يجعل تكفير الشاك في كفر من لم يكفر الكافر من المسائل الخلافية السائغة.
- القسم الثاني: جعلوا تكفير الكافر من المسائل العلمية التي لها تعلق عملي [فقهي], وأنه كفر من جهة التكذيب, كما أنه متعلق بالشروط والموانع من حيث التوافر والامتناع.
الثاني: يقول إن تكفير الكافر ليس واجبا إنما غاية ما عليه هو ترك الكفر واجتنابه, كما يقولون: إنما هو خاص بالمسائل العملية [يسمونها الفروع], وليس متعلقا بالمسائل العلمية البتة [ العقدية ]. وهؤلاء أكثر المرجئة المنتسبين للسنة.
الثالث: يقول: إن تكفير الكافر كفر في ذاته وهو على وجهين:
- الأول: أن يكون الكافر كفره معلوما بالضرورة فحكمه الكفر كما اليهود والنصارى.
- الثاني: أن يكون الكافر كفره خفيا [أي ما دون الكفر المعلوم ضرورة].
فالأول لا يعذر بجهله والثاني يعذر في الجملة.
**وللوقوف على حقيقة النزاع وتحقيق مذهب السلف فيه لابد من اعتبار بعض الأمور ونسوقها في صورة مساجلة بين طرفي القول الأول لكونهما أكثر اقترابا للسنة والثالث قول أكثر المرجئة, والرابع متعرض للتفصيلات دونما النظر إلى جوهر القول وحقيقة النزاع وإن كان تفصيله صحيحا عند الحكم على الأعيان, فلابد من اعتبار ما يلي:
1- أن قاعدة [من لم يكفر الكافر فهو كافر ] متفق عليها في الجملة,
وعلى هذا يتفق الطرفان المتنازعان لكن أحدهما [ نرمز له بــالأول] يرى أن تكفير الكافر من أصول الدين, بل لا يصح إسلام ولا توحيد دونه, بينما يرى الثاني أن عدم تكفير الكافر هو من النواقض إلا أنه من باب كفر التكذيب ولذلك يخضع لبلوغ الحجة الرسالية وتوافر الشروط وانتفاء الموانع كغيره من المسائل المكفرة.
2- ثم هل القاعدة مذكورة من جهة ملابسة الكفر [قولا وفعلا] أم من جهة التكذيب؟ فيقال:
a. إنه: إن قلنا من جهة التكذيب فهي قاعدة ليست قائمة بذاتها وإنما مستمدة من [كفر التكذيب].
b. وإن قلنا: من جهة ملابسة الكفر, فيقال: تحت أي قسم تساق – عند السلف -؟ فالكفر يكون بالقول, أو العمل, أو الاعتقاد أو الترك؟
3- حقيقة قوله تعالى: [فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى] هل يقال: لا يتحقق الكفر بالطاغوت من دون تكفير الكفار, أم يقال الكفر بالطاغوت المقصود به تجنب الكفر واعتقاد بطلانه وضلال أتباعه؟
a. فإن قيل: بل يدخل فيه تكفير الكفار.
قيل: العروة الوثقى هي [لا إله إلا الله] أو هي الإسلام كما عند السلف. والإجماع منعقد على قبول من نطق الشهادتين ابتداء ثم يطالب بالعمل. وهذا هو الركن. وتكفير الكفار واجب في الجملة من جهة الإقرار بما جاء عن الله ورسوله لا من جهة ملابسة الكفر قولا أو عملا.
b. فيقول قائل: يلزمك ألا تجعل تكفير الكفار ليس من المكفرات, طالما أنه ليس ضمن الكفر بالطاغوت.
فيرد الآخر: بل هو كفر من جهة التكذيب لأن الإسلام هو الإقرار بالشهادة وكل ما جاء عن الله تعالى كما قال قتادة في قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} قال: شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله تعالى وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه [ولا يقبل غيره ولا يجزي إلا به] معالم التنزيل [2\18].
4- علاقة التكفير بالبراءة من الشرك, يعني هل عدم تكفير الكافر يعد إقرارا بالكفر الذي هو عليه؟
a. يقول الأول: عدم تكفير الكافر يقتضي الرضا بالكفر الذي عليه ذلك الكافر ولو كان لا يرضاه لكفَّره.
فيقول الثاني: هذا باطل فالبراءة لا تأتي بمعنى الكفر البتة وإنما هي من مقتضيات الحكم بالكفر, فقد تتبرأ من الكفر دونما النظر إلى صاحبها إذ الكفر وجب اعتقاده كفرا بغض النظر هل ارتكبه أحد أم لا وهل يعذر صاحبه أم لا, فلو أن رجلا تعلم السحر ومارسه ولا يعلم أن ما يقوله كفرا فعلمه أحدهم فتركه تائبا منه فهو معذور اتفاقا, فعذر الرجل لا يمنعنا من التبرؤ من الكفر الذي كان عليه. وفي الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يأمر الصحابة بقراءة سورة الكافرون قبل النوم فإنها براءة من الشرك] كما عند مسلم, ولو كان التبرؤ مقتصرا على القول أو الفعل الظاهر لكان الذي يسمع الكفر دون إنكار كافرا وكذا الذي يرى الذنب دون إنكار مذنبا من جنس الذنب وإن كان كليهما لهما نصيب من ذنب [عدم الإنكار] وإنهم آثمون مثلهم في جنس الإثم كما في قوله تعالى: [إنكم إذن مثلهم]. وحمله السلف على حرمة القعود ومجالسة الكفار دون تكفيرهم. ثم يقال: هل يصح أن يقال: إن من لم يكفر اليهود والنصارى راض بعبودية يسوع وبنوة عزير وهو راض عن سب الله تعالى هل قال ذلك أحد قط؟
b. فيقول الأول: يلزمك أن تقول: إن البراءة من الكفر والشرك ليستا من الكفر بالطاغوت.
فيقول الآخر: هذا ليس مرادا لقولي لا تصريحا ولا تلميحا وإنما المراد هو انفكاك تكفير الكافر عن البراءة من الشرك. وأن البراءة من الشرك والمشركين والكفر والكافرين هي المقصود من الكفر بالطواغيت ابتداء أما تكفير الكافر فإنما هو من لوازم الإقرار الأول [أي الإقرار بما جاء عن الله]. أي داخلة ضمن الإقرار بما جاء عن الله ورسوله فمن لم يفعل فهو من جملة كفر التكذيب.
5- علاقة تكفير الكافر بــالتوحيد [فاعلم أنه لا إله إلا الله].
a. يقول الأول: إن هذا الذي لم يكفر الكافر لم يعلم التوحيد وبالتالي لا يصير موحدا إذ لا يعلم الإيمان من شك في كفره وأنى يكون إيمان لمن لم يعرف الكفر؟
فيقول الآخر: إن العلم بالله هو العلم بكونه المستحق الوحيد والمنفرد بالإلوهية فهو واحد في ذاته وأسماء وصفاته, فهذا هو المعنى المتفق عليه لكلمة التوحيد, قال قتادة في قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} قال: شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله تعالى وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه [ولا يقبل غيره ولا يجزي إلا به] معالم التنزيل [2\18]. وهو قول المتأخرين أيضا على سبيل المثال قول ابن عبد الوهاب – رحمه الله – في الأصول الثلاثة معرفا الإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله]. وقد سبقه به ابن تيمية في الفتاوى.
6- الاحتجاج بالأقوال الواردة في تكفير الكافر.
a. يقول الأول: نقل القاضي عياض الإجماع على تكفير الكافر في الشفا. ولولا أنها قاعدة بذاتها لما نقل فيها الإجماع. ومعلوم أن الإجماع يقع موقع الدليل.
فيقول الثاني: نعم ذكره القاضي بل والغزالي وغيرهما, وإن كان استقلال الإجماع بشيء لا ينافي كونه مستمدا من غيره, كما أن القاضي عياض بعد أن ذكره علل حكمه قائلا: [لأن التوقيف والإجماع على كفرهم فمن وقف في ذلك فقد كذب النص و التوقيف أو شك فيه و التكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر] الشفا (2/ 232), فها هو القاضي يذكر علة تكفيره وهي [تكذيب النص], مع اعتراضنا على قول القاضي [ والتكذيب أو الشك فيه لا يقع إلا من كافر] بل الصحيح أن عدم تكفير الكافر كفرا بذاته وليس دالا على الكفر فذاك مذهب المرجئة, بينما الكفر الواقع من نوع كفر التكذيب.
b. يقول الأول: ذكر الإمام ابن عبد الوهاب في النواقض: [من لم يكفر المشركين, أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم, كفر] وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله تعالى-: "فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر" . ( رسالة أوثق عرى الإيمان ، ص 61) . وقال الشيخ عبد الله أبا بطين في " الانتصار لحزب الموحدين والرد على المجادل عن المشركين ، ص 43 " : " قد أجمع العلماء على كفر من لم يُكفر اليهود والنصارى أو يشك في كفرهم " وغير ذلك من الأقوال الدالة على كفر من لم يكفر الكافر.
قال الآخر: كل هذه الأقوال نقر بها فنحن نقول إن من لم يكفر الكافر فهو كافر, لكني أقول إنه من كفر التكذيب الذي يخضع كسائر المكفرات إلى توافر الشروط وانتفاء الموانع وأنه ليس من جهة تلامس الكفر بالقول أو الفعل بل من جهة التكذيب, ولذلك قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله تعالى-: "فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم على كفرهم], فبين أن الجهل بحكم الكفار علاجه التبيين بالأدلة فإن لم يرجعوا كانوا كفارا قال: [فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع] فلو كان تكفير الكافر كفرا من جهة ملابسة الكفر بالقول أو الفعل لكان كافرا ابتداء - على مذهبكم - وتعرض الأدلة تبليغا فقط لكن الشيخ لم يكفره إلا بعد التبيين. مع التردد والشك استنادا للإجماع المذكور. وعلى هذا فقس سائر قول العلماء سلفا وخلفا.
7- إلزامات:
a. يقول الثاني: يلزمك أن تقول إنه يجب على سائر المسلمين العلم بالمستجدات المكفرة بل يجب على المرأة العجوز أن تتابع المصطلحات الغائبة والمعاني المائعة والبحث والنظر في تحقيق المسائل المكفرة من دونها مما قد دلسه علماء السوء ثم تخرج بعد ذلك بتكفيرهم. ثم يقال: عندما كانت تبحث هل كانت كافرة أم ماذا؟ وهذا الاستشكال بعينه الذي استشكله ابن حزم على المعتزلة القائلين إن أول الواجبات هو الاستدلال والنظر. [الفصل في الملل والنحل]
b. ويقول: إن قلت: إن العبرة هي عدم معرفة التوحيد فيلزمك أن تقول: إن الشاك في [كفر] من لم يكفر الكافر كافر والشاك فيمن لم يكفر الشاك كافر والشاك في كفر الأخير كافر إلى ما لا نهاية. وذلك أن الأول كالثاني كالثالث لا يعرف التوحيد طالما أن القاعدة مبنية على ذلك. وهذا قول معتزلة بغداد.
c. كما يلزم القائل بهذا: ألا يفرق بين الكفر الظاهر أو الخفي وأن الساجد لغير الله أو ساب الدين كالذي يقوم بالصرف والعطف من السحر, وذلك أن تكفير الكافر منوطا معلقا بمعرفة [لا إله إلا الله] -على زعمك- فطالما ذلك فلابد مع الإسلام تكفير الساحر أيضا فكل ما هو كفر لابد من تكفير فاعله بغض النظر عن ماهيته. وإلا للزم أن تقول:
[[من لم يكفر الكافر المعلوم كفره بالضرورة فهو كافر]]. وهذا ينقض قاعدتك كلها.
وهنا نجيب:
تقول الأخت الفاضلة: لي سؤال (ما حكم من لم يكفر الكافر هل يكفر ام ما حكمه؟؟؟)
قلت: هو كافر من جهة التكذيب مثله مثل راد النصوص فلابد أن يعلم أن هذا كفر.
قالت:
سأوضح بضرب مثال ........ علي سبيل المثال أنا أعلم أن فلان وقع في الكفر (والعياذ بالله) وأنا بدوري أكفره ولكن غيري لم يكفره ما حكم الاخر الذي لم يكفره ؟؟ ]
قلت: المفترض أن الأخت السائلة حفظها الله كفرت مستحقا للكفر, وأن ثمة من لم يكفره. فينظر توافرت الشروط وانتفت الموانع ؟
وذلك بالنظر إلى شيئين:
الأول: حقيقة المسألة ذاتها: وذلك باعتبار ما يلي:
1- الاختلاف أو الإجماع على كونها مكفرة.
2- من حيث الظهور أو الخفاء. [من حيث كونه كافرا أصليا أو عارضا ] ثم ينظر هل الكفر العارض هذا ظاهر أم خفي.
الثاني: فينظر هل مع [الذي لم يكفر الكافر] شبهة أو تأويل أو جهل معتبر أو إكراه صحيح, فيُعلَّم ويبين فإن لم يرجع كفر. كما تقدم من كلام الشيخ سليمان بن عبد الله قال "فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر" . ( رسالة أوثق عرى الإيمان).
ولذلك كان بعض أهل العلم يقتصر في إجاباته على القول الرابع. اختصارا.
كما ينبغي التنبيه: أن المسألة من حيث تعلقها بالنص والعمل به هي مسألة عقدية من أصول الدين, ومن حيث التطبيق والتنزيل هي مسألة عملية يسميها البعض [فرعية]. لكونه ينبني عليها أحكام.
فإن كان ذلك كذلك كفر من لم يكفر الكافر عينا. وعليه يحرم للأخت الصلاة عليه وأكل ذبيحته والدعاء له [بغير الهداية] الخ. فهذا يلزمها ويلزم كل من اعتقد كفره.
ــــــــــــــــــــــ
وأخيرا: فهذا جهدي وعلى الله توكلي ونسأله الهداية والثبات .. ومن كان عنده زيادة علم فيعلمنا نكن له شاكرين. مع اعتبار عجلتي في الرد على الإجابة.
ملحق فتوى الشيخ ناصر الفهد [فكر الله أسره]
http://www.tawhed.ws/r?i=e7hqd4ju
وكتبه: أبو صهيب الحنبلي.
والحمد لله في الأولى والآخرة

إذا فاتتنا صلاة الفجر جماعة هل نقيم جماعة ثانية في المسجد

سؤال عبر الآسك:
إذا فاتتنا صلاة الفجر جماعة هل نقيم جماعة ثانية في المسجد ...قال لي أحد طلبة العلم تصلوها فرادى فلما حاججته بحديث( من يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام رجل من القوم فصلى معه ) على جواز الجماعة الثانية قال لي تلك حالة استثنائية...أفيدونا بارك الله فيكم ]
وكان الجواب:
حكم صلاة الجماعة الثانية:
1- ذهب طائفة إلى كراهة صلاة الجماعة الثانية. وصورتها أن يكون للمسجد أذان وإمام راتب. قال النووي في المجموع (4/ 222) [ أما إذا لم يكن له إمام راتب فلا كراهة في الجماعة الثانية والثالثة وأكثر بالإجماع: وأما إذا كان له إمام راتب وليس المسجد مطروقا فمذهبنا كراهة الجماعة الثانية بغير إذنه وبه قال عثمان البتي والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو حنيفة وقال أحمد واسحق وداود وابن المنذر لا يكره]
وعند الشافعية قال الزركشي في خبايا الزوايا (ص: 105)
إذا كان للمسجد إمام راتب تكره إقامة الجماعة الثانية فيه على أصح الوجهين]
2- ذهب الآخرون ومنهم أحمد بن حنبل إلى عدم كراهته. قال المرداوي في الإنصاف (2/ 218)
معنى إعادة الجماعة : أنه إذا صلى الإمام الراتب ثم حضر جماعة لم يصلوا فإنه يستحب لهم أن يصلوا جماعة وهذا المذهب يعني أنها لا تكره وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني و المستوعب و الوجيز و الشرح و ناظم المفردات وغيرهم وقدمه في الفروع و ابن تميم و الفائق وغيرهم وهو من المفردات ]
3- جمهور الطائفتين على الإجزاء.
4- فرق بعضهم بين وقت النهي وغيره.
5- يستدل الأولون في الجملة بأثرين:
- عندما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجد الجماعة الأولى قد صلوا لم يصل ورجع بيته ففهم من فعله المنع.
- لما رأى ابن مسعود الصحابة - رضي الله عنهم - قد صلوا رجع ولم يحدث جماعة ثانية.
وعموم أدلة من رأى خلاف هذا استدل بما يلي:
1- عموم فضل صلاة الجماعة وليس ثمة فرق سوى الإقبال على الأولى ومواقيتها.
2- ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدل إلا على الفعل والفعل محتمل فقد يكون لحاجة:
- فإذا صلى مع الجماعة الثانية ستكون أفضل من الأولى وربما يتعمد الناس تركها.
- ربما يتساوى الفضل عند من بعدهم.
- قد يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشيء لبيان الجواز.
3- لا ينضبط الأخذ بالمحتمل مع وجود الظاهر وهو قوله [من يتصدق على هذا] فسماها صدقة, والأصل أنها للتأسي وحواث العين لابد لها من دليل خاص أو قرينة تصرفها.
4- أما أثر ابن مسعود فهو أشبه بحادثة النبي – صلى الله عليه وسلم – من حيث كونها فعلا والفعل لا يؤخذ منه حكم بالوجوب ابتداء مع احتمال كونه رأى هذا خيرا له, وقد نقل ابن قدامة أن ابن مسعود ممن رأى استحباب إعادة الجماعة لمن فاته الأولى.
5- وقد روى البخاري عن أنس – رضي الله عنه – أنه أحدث جماعة ثانية.
قال ابن قدامة (2/ 133)
ولا يكره إعادة الجماعة في المسجد، ومعناه أنه إذا صلى إمام الحي، وحضر جماعة أخرى، استحب لهم أن يصلوا جماعة، وهو قول ابن مسعود، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، وإسحاق. ]اهــ.
والذي يظهر والله أعلم الجواز من غير كراهة إذا كان:
1- لا يتعمد الذهاب إلى المساجد للإعادة.
2- عدم تعمد التأخير.
3- ذهاب الإمام أحمد للتفريق بين المساجد الثلاث وغيرها ففيه وجاهة وقوة لعامل الفضل قال ابن قدامة في المغني لابن قدامة (2/ 133) [فقد روي عن أحمد كراهة إعادة الجماعة فيها. وذكره أصحابنا، لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها إذا أمكنتهم الصلاة في الجماعة مع غيره.وظاهر خبر أبي سعيد وأبي أمامة، أن ذلك لا يكره؛ لأن الظاهر أن أن هذا كان في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمعنى يقتضيه أيضا، فإن فضيلة الجماعة تحصل فيها، كحصوله في غيرها.] فالأظهر عدم التفريق وما يصلح هنا يصلح هناك ومع ذلك فالأظهر عدم التفريق وما يصلح هنا يصلح هناك. والمسألة محتملة وهم أئمتنا وهذا جهدي والله أعلم.
ـــــــــــــــ
أبو صهيب الحنبلي.

الجبرية والقدرية

سؤال عبر الآسك:
الجبرية والقدرية، المرجئة ولا إلى الخوارج الحرورية والمعتزلة... ولا إلى المرجئة والجهمية. أهل التأويل، ................هذه جماعات لم افهمها
_____ الجواب ______
الجبرية: فرقة ترى أن العبد ليس له اختيار وأن كل فعل فعله إنما هو من فعل الله سواء كانت عملا صالحا أم باطلا, وذلك أنهم يقولون: إن صفتي الفعل والقدرة صفتان يختص الله بهما, أما المخلوقون فليس لهم فعل ولا قدرة البتة, وأكثر هؤلاء من رحم الجهمية.
القدرية: فرقة مقابلة للجبرية [في الجملة] يقولون إن الله لم يخلق أفعال العباد وليس له اختيار ولا مشيئة في أفعال العبد ولا قدرة على المنع, وليس له علم بأفعاله إلا بعد حدوث فعله, والمتأخرون من القدرية قالوا بل لله علم بأفعال العباد مسبق إلا أنه لا اختيار ولا قدرة. فنسب إليهم القدر, وهؤلاء من رحم المعتزلة.
المرجئة: صار مصطلحا يقصد به هؤلاء الذين أرجأوا [أخروا] العمل عن الإيمان, فقالوا العمل لا يدخل في مسمى الإيمان, ونشأ عن هذا عدة آثار:
1- العمل لا يؤثر في الإيمان لأن الإيمان شيء واحد لا يتجزأ. وإيمان الجميع كإيمان الملائكة حتى وإن كان زانيا والعياذ بالله. [وهذا يشترك فيه أكثر القائلين بهذا القول وبعضهم هو لازم له لكن لا يصرح به قولا]
2- جعل بعضهم الجنة دارا لكل من كان مؤمنا وإن زنا وسرق, ققالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب. [غلاة المرجئة]
3- كان لهذا أثر لخلل في باب الكفر والإيمان, فتارك الفرائض كلها لا يسمى كافرا طالما قال [لا إله إلا الله] وهذا سبب للتميع في أحكام الردة وساعد على إلغاء حد الردة.
4- أكثر المرجئة من الأشاعرة والماتريدية يقولون إن العمل ينبني عليه ثواب وعقاب, لكن لا يؤثر في اسم الإيمان.
5- مرجئة الفقهاء: هم أخف طائفة لكنهم وقعوا في بدعة لفظية وإن كان آثارها أقل [يقولون العمل خارج عن الإيمان لكن تارك العمل بالكلية كافر, وينبني عليه ثواب وعقاب, لكن قالوا تارك العمل هذا دليل على الكفر. [وهذه نقطة هامة لمعرفة الفارق]
وهؤلاء أربع فرق: الجهمية والكرامية والأشاعرة ومرجئة الفقهاء
.الخوارج: وهؤلا سبب تسميتهم خروجهم على [عليٍّ] رضي الله عنه في موقعة حروراء, إلا أن لهم جذور منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وفيه قول جدهم للنبي – صلى الله عليه وسلم - [اعدل يا محمد], ثم جاءت صفاتهم في غير نص [حدثاء الأسنان] [صفتهم الحلق] أي من عادتهم حلق الشعر, [بروز العينين] [ناتئ الثدي] [كثرة العبادة وقراءة القرآن ] مع العلم أن بعض هذه الصفات إنما كانت صفات خلقية للدلالة على قوم معينين ولا يعني أن هذا دليل على كل خارجي, وكذلك لا يعني أن كل مبالغ في العبادة يكون خارجيا [بل هذا لتدليل على معين من جهة وللتنبيه والتحذير من الاغترار بالعبادة الظاهرة] لأجل هذا ينبغي أن نعرف أهم صفاتهم.
والذي يظهر لي أن الصفات المطردة في الخوارج صفتان فقط:
1- التكفير بالكبيرة. [وهذا تكون منذ خروجهم على علي لا كما يزعم أحد الكتاب] فقد ظنوا أن القضاء أو الحكم بهوى في مسألة واحدة يكفر صاحبها, لأجل هذا كان أكثر المفسرين يعمدون إلى قوله تعالى [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] فيذكرون قول ابن عباس المنسوب له وفي سنده ضعف [كفر دون كفر], وابن عباس وكذا المفسرون لم يتكلموا عن تارك التحاكم بالقرآن البتة بل من خالف بهوى عامدا القرآن.
2- سفك دماء المسلمين وانشغالهم به. وهذا مذكور في غير نص.
وما سوى هذا من عقائد: كإنكار الشفاعة وعذاب القبر وغيرها من المسائل فإنما تكون تبعا لقولهم في الكبيرة وحقيقة الإيمان [غالبا] وهم فرق تختلف فيما بينها.
أهل التأويل:
أي الذين أولوا صفات الله تعالى [بتحريف معناها] ويدخل في هؤلاء الجهمية والمعطلة من الماتريدية والأشاعرة.
ـــــــــــ
والله أعلم.

ما رأيك في الاستدلال بقول الطبري تفسيره لقولهِ تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) وهم يظنون بأنهم بفعلهم ذلك لله مطيعون، وفيما ندب عباده إليه مجتهدون، وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته على عدم العذر بالجهل

قول الطبري في تفسيره لقولهِ تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [ وهم يظنون بأنهم بفعلهم ذلك لله مطيعون، وفيما ندب عباده إليه مجتهدون، وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته، وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الذي وصف صفتهم في هذه الآية أن سعيهم الذي سعوا في الدنيا ذهب ضلالاً، وقد كانوا يحسبون أنهم يحسنون في صنعهم ذلك، وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم، ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يعلم لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم محسنون صنعه، كانوا مثابين مأجورين عليها، ولكن القول بخلاف ما قالوا فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم كفرة، وأن أعمالهم حابطة"
ـــــــــــ
أخطأ من استدل به على [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين. ومما يقال في ذلك على عجلة:
1- مراد المصنف الرد على من جعل الكفر مقصورا على قصد الكفر أو الجحود والعناد وهذا مذهب المرجئة. يفهم ذلك من غير جهة أذكر منها:
a. في سياق النص: قوله: [وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم]
b. خارج سياق النص قوله: عند قوله تعالى [وهذا من أبلغ الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فركبها عنادا منه لربه فيها، لأن ذلك لو كان كذلك؛ لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هاد وفريق الهدى فرق], وهذا النص يوضح مراد المصنف وأنه يتكلم عن مطلق المعصية.
2- يلزم من ذلك ألا يفرق المصنف بين كفر وشرك بل يلزمه ألا يعذر مطلقا في المعاصي والمكفرات, والحق أن الاستشهاد به أولى لمن يخالفونهم, حينما يقولون: إنه ليس ثمة فرق بين الأصول والفروع [تجوزا] من حيث الإعذار فما يعذر هنا يعذر ما يشابهه [من حيث الظهور والخفاء] وما لا يعذر هنا لا يعذر هنا, وهذا ظاهر كلام المصنف وأنه يرد على من أطلق الأعذار, وهو مذهب كثير من مرجئة العصر [أي إطلاق العذر] . منهم الدولة السلفية السكندرية. إلا أنهم يقولون: يأثم على ترك التعلم لا أنه يستحق إثم المعصية نفسها حسب نوعها كفرا أم دونها.
3- لابد من اعتبار السياق من جهة واعتبار الحالة العامة التي يحمل عليها الرد, فقد يغلب على أهل العلم الشدة في الرد على المرجئة حينا والرد على الخوارج حينا آخر, ولهذا لا تكاد تجد أحدا من المفسرين يأتي عند قوله تعالى: [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هما الكافرون] إلا ويسارع في تبيان إنها كفر دون كفر ومرادهم فيها طمس معالم بدعة التكفير بالكبيرة والعمل الواحد [دون الشرك] وأن فرادى الأعمال [في الحكم] لا تكون كفرا. ولذا لما مر عليها العلماء المعاصرون ممن ابتلوا بغلبة وظهور أحكام الكفر ترونهم يبالغون في الرد على المرجئة كالعلامة أحمد شاكر والعلامة الشنقيطي وما شابه.
[بقية الإجابة مع بقية السؤال]
تم التعديل نسيت كلمة [عدم] الإعذار بالجهل في أصول الدين, وهم المراد الرد عليهم. كما أنبه على أن النفي ليس لتعميم الإعذار وإنما الخطأ في الإطلاق سواء في الإعذار أم عدمه.
بقية الجواب:
4- كذلك لابد من اعتبار المجمل والمفصل فربما يغلب على المصنف توجيه النصوص لتبيان مسألة غالبة دونما النظر إلى ما قد يفهم منها من استثناءات – وهذا خطأ كبير يقع فيه طلبة العلم ولعلك تدرك من هذا سبب استدلال الخوارج تارة والمرجئة تارة و فلاسفة المتصوفة تارة بكلام شيخ الإسلام – والصحيح أنه لابد من حمل كلام المصنف المجمل إلى المفصل أو المشكل إلى المحكم فإن لم يكن فالانتباه لمراده والمبالغة في النظر إلى السياق, وسأضرب بالآية السابقة مثلا [ومن لم يحكم بما أنزل الله] فأكثر العلماء يردون الشبهات قائلين: إن قول السلف [كفر دون كفر] إن صح فهو محمول على فرادى الأعمال] ردا على علماء السلاطين, رغم أننا لو نظرنا في هذا لقلنا: ماذا لو أن القاضي أو الحاكم حكم [تطبيقا لا تشريعا] ولو لمرة واحدة بموالاة الكفار هل يدخل في الكفر دون الكفر أيضا؟ قطعا ليس هذا مرادهم وإنما من نظر للكتاب والسنة رأى الاستثناء ليس أصلا وإنما يأتي حينا ويأمر بالجمع بين القولين حينا ولذا كان قوله تعالى: [منه آيات محكمات هن أم الكتاب].
5- ثم إننا إن حملنا قول الطبري على مرادهم فليس قول القائل كنقله عن غيره – غالبا – بل قد نقدم الناقل المتأخر على القائل المتقدم ليس قدحا فيه وإنما لأننا لا نرى قول القائل إجماعا وإنما قد يحصل في الغلبة أو الاتفاق في عصر ما أو الأكثرية مما يقوي أو يرجح إحدى الكفتين.
6- ذكرت غير مرة أن التفريق بين الأصول والفروع بحيث يبنى عليه أحكام الكفر هو قول المعتزلة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى وغيرها, وإنما بنوا هذا على البدعة العقلية التي اخترعوها من كون العقل أساس النقل وأنه لا يثبت إيمان بغير النظر والاستدلال وقيل الشك وقيل القصد إلى النظر وقيل غير ذلك حتى عدها بعض المتكلمة أكثر من عشرين قولا فيها [إن لم تخني الذاكرة]. حتى إنهم اختلفوا في الطفل الصغير الذي لا يحسن النظر والاستدلال وهذا على تعليلهم – صحيح – لأنه متى لم يصح الإسلام إلا بالعقل [والذي لم يثبت إلا بالعلم اليقيني الحاصل بالنظر والاستدلال] لم يكن المرء مسلما, وأنكر عليهم ذلك أبو محمد ابن حزم في الفصل في الملل والنحل وشنع عليهم تشنيعا عظيما, فهذه هي رأس البدعة التي تأثر بها كثير من المنتسبين للسنة وكذا الغلاة – عفانا الله – ولذا لو قلت لهم ما حد العلم بلا إله إلا الله الذي ينجوا به المسلم – مع إمكانية ذلك – لاضطربوا لأنهم سيضطرون إلى أن يجعلوا العلم إما عدما – أي يقولون: عدم الشرك - فينقضون أنفسهم, وإما أن يجعلوا العلم شبه مستحيل على العامي والطفل وما شابه وإلا للزمهم أن يكفروه, ولا يحكموا بإسلام الطفل والعامي .. وأنا هنا أعني الإسلام الحقيقي فإنهم يتفقون معنا في الجملة في الإسلام الحكمي, وهذا الخطل جعل بعضهم – التوقف والتبين وبعضا ممن تأثر بهم وليس منهم – يقول: لقد غلب الكفر والشرك فلن أكفر الناس ولذا سأتوقف فيهم فمن رأيت منه إسلاما حكمت له ومن رأيت منه ناقضا حكمت عليه, ثم اختلف هؤلاء: ما حد الإسلام الذي تثبته به؟ فماذا لو يكفر بالطواغيت لكن لا يكفر أعيانهم جهلا, وماذا لو كانوا يعذرون بالجهل وأنت تعذر ... وهكذا .. وكنت قد تحدثت عن مسألة التوقف والتبين هذه ضمن جواب قريب, على ثلاثة أجزاء لطوله أحد أجزائه:
http://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/108747730813
8- ولعلك تستطيع الآن أن تفهم مصاب القوم في التكفير بالتسلسل وقاعدة من لم يكفر الكافر, ويرجى مراجعة هذا الجواب أيضا لعله يفيدhttp://ask.fm/abosohaibelhanbly/answer/109160562557
والله المستعان. والحمد لله في الأولى والآخرة.
بعض الاخوة يتوقف فى الحكم على العوام بالأسلام معللا ذلك بشرط تبين كفرهم بالطاغوت أولا ؟؟

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More